مدونة في وداع الله يا امي/يا الله /جاري جاري / مدونات لا شرك لا شرك /قانون الحق الالهي/نوتة الصلاة //في وداع الله يااماي/تعلم التفوق بالثانوية /السيرة النبوية /الفهرست/اللهم ارحم ابي وامي /المضبطة /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا/حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين/قانون الحق الالهي اا./قانون الحق الالهي/قانون العدل الالهي/قانون ثبات سنة الله في الخلق/كتاب الفتن علامات الساعة ويوم القيامة /مدونات لا شين/مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها /وصف الحور العين /مامي 27/المدونة التعليمية المساعدة/مدونة الاميرة اسماء صلاح التعليمية/أمي الحنون الغالية/الكشكول الأبيض2ثانوي/الأم)منهج الصف الثاني الثانوي علمي رياضة وعلوم /ثانوي {الحاسب الآلي - والمواطنة} /ثاني ثانوي لغة عربية /أمي الحنون الغالية /احياء ثاني ثانوي ترم أول /الأمراض الخطرة والوقاية منها /البداية والنهاية للحافظ بن كثبر /التاريخ 2ث /التجويد //الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث //الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي //الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانوي //الخلاصة الحثيثة في الفيزياء //الديوان الشامل لاحكام الطلاق //السيرة النبوية //الطلاق المختلف عليه//الفيزياء الثالث الثانوي روابط //اللغة الفرنسية 2ثانوي //الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول//المنهج في الطلاق //النخبة في مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 //النخبة في شرعة الطلاق //الهندسة بأفرعها //بيت المعرفة العامة //ترم ثاني ثاني ثانوي علمي ورياضة وادبي.. //تفوق وانطلق للعلا //ثالثة ثانوي مدونة//ثاني ثانوي ترم اول وثاني الماني //روابط المواقع التعليمية //روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام//رياضيات بحتة وتطبيقية تاني ثانوي ترم ثاني //عبد الواحد ترم أول2ثانوي //عبدالواحد ثاني ثانوي ترم1و2.//علم المناعة //فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث ترم اول//فيزياء ثاني ثانوي ترم أول //فيزياء ثاني ثانوي ترم ثاني //كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري //كتاب الزكاة //كتب ثاني ثانوي ترم1و2 //كشكول //كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثاني //كيمياء ثاني ثانوي ترم أول //لغة انجليزية2ث.ترم أول //مدونة الأميرة الصغيرة//أسماء صلاح التعليمية 3ث //مدونة الإختصارات //مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة/الطلاق7/5هـ//مدونة اللغة الإيطالية //مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية //مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني//مكتبة روابط ثاني ثانوي ترم اول //منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام //ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول //نهاية البداية

الاثنين، 12 يوليو 2021

حياة البرزخ

 

ملخص الرسالة

حياة البرزخ في ضوء الكتاب والسّنة

 منقولة من موقع الالوكة مع تنسيق واضح مع توضيح أن البرزخ ليس له توصيف مباشر في نصوص الشرع لكن يفهم من النصوص التي تناولته أنه قناة وممر  بين الدنيا والاخرة تسمح بصعود الاروح  وليس العكس 

-----

قال الباحث الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، وبعد:

في هذا البحث بسط لمفهوم حياة البرزخ، والتي تبدأ من وقت الاحتضار قبل خروج الروح، إلى حين خروجها، وواجب العبد المحتضر في تلك اللحظات أن يحسن الظنّ بالله تعالى، والوعيد لمن يسيء الظن بالله تعالى، وفيه ما يلاقيه المحتضر من سكرات الموت وشدّته، ثم رحلة الروح نحو السماوات العلى، وتكريم روح المؤمن، وطرد روح الكافر وإهانتها.

 

وتعرضت لمفهوم الروح، وماهيّتها، وهل يقع العذاب عليها أم على البدن؟، أم عليهما معا؟، وهل تتلاقى وتتزاور الأرواح في حياة البرزخ؟، وأين مستقر الأرواح؟.

 

وتعرضت للقبر وضمته، وفتنته، والتعريف بالملكين، وسؤالهما، وما هي الأسباب المقتضية لعذاب القبر؟، وما هي الأسباب المنجية منه؟.

 

وبسطت الحديث عن سماع الأموات كلام الأحياء، وسماع الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصوات المعذبين، وهو من مواضيع علاقة الأموات بالأحياء، وذكر الأعمال الصالحة التي ينتفعون بها في حياتهم ومماتهم من سعيهم في دنياهم، أو ما يصل إليهم من سعي الأحياء لهم، وقضايا أخرى عديدة ذات صلة بالموضوع، وفي الخاتمة بيان نهاية حياة البرزخ بالنفخ في الصور، ثم أهمّ نتائج البحث.

 

المقدمة:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- عبده ورسوله، وبعد:

فإن العقيدة الصحيحة أهم ما في الإسلام، على الرغم من أهمية ما سواها، وهي الأساس المتين لكل التشريعات، ولذلك كان التركيز عليها واضحا في العهد المكي بطوله، ومما لا شك فيه أنّ الإيمان بالغيبيات ومنها الإيمان باليوم الآخر والملائكة، والجنة والنار، وحياة البرزخ بما فيها من نعيم أو عذاب جزء من هذه العقيدة.

 

والإيمان بالغيبيات ومنها حياة البرزخ يزرع في النفس الإيمان الراسخ بالله تعالى، والدوام على مراقبته، والاجتهاد في عبادته وطاعته، وهذا الإيمان يزجر النفس عن ارتكاب المعاصي، ويردعها عن فعل المنكرات، وإن التقوى والصلاح وفعل الخيرات، هي السمات الغالبة للمجتمع المسلم، ويسوده الأمن والإيمان، لإيمانهم بالعاقبة بعد الموت، وما يلاقيه العبد من نعيم أو عذاب في قبره لما قدّمه من عمل في حياته الدنيا، وهذا من عدله سبحانه وتعالى.

 

والبحث في قضايا العقيدة أمر عظيم وجلل، تبقى النفس حذرة خوفًا من الخطأ أو الزلل في مسائلها، وحالها دوما التضرع والدعاء إلى الله تعالى بالتوفيق والسداد لتحري الحق، والعون على إظهاره.

 

وموضوع حياة البرزخ في ضوء الكتاب والسنة طويل وشائك، وجاءت النصوص الشرعية التي تحدثت عنها مجملة في أغلبها، وقليلة جدًا تلك النصوص التي فصّلت لنا في بعض أحداث حياة البرزخ، لذلك تعددت تأويلات العلماء، واختلفت الآراء والمذاهب في مواضيعها ومسائلها، وهذا أدّى إلى صعوبة في البحث والترجيح، ومن أجل ذلك تتبعت أقوال العلماء ومذاهبهم وعوّلت على ما صحّ دليله، وقويت حجّته في الّترجيح بين الأقوال.

 

وفي هذا البحث العظيم في حياة البرزخ لا أدّعي كماله وتمامه، مع أنني بذلت قصارى جهدي لجمع الأدلة، وأقوال العلماء فيها، وقمت بترتيب مواضيعها، وإضافة عناوين جديدة تبعًا لأحداث حياة البرزخ من قبض الروح إلى النفخ في الصّور، وجمعت هذا كله من بطون أمّات كتب التفسير والحديث وشروحه وكتب العقيدة، وكتب أخرى متعددة، ومع ذلك أقول بأنه يمكن الاستفاضة في بعض عناوينه في أبحاث أخرى، نظر الدقة مسائله وأهميتها، وإّنني أرجو الله تعالى أن أكون قد وفقت في عرض مواضيع هذه الرسالة دون اختصار مخلّ بالمعنى، أو إطالة ممّلة فيه.

 

ونظرًا للتطور التكنولوجي في برامج الحاسوب، وقيام بعض الأفراد والمؤسسات بجهد عظيم في برمجة أمهات كتب التفسير وعلوم القرآن، وكتب الحديث وشروحه وعلومه، وكتب العقيدة واللغة والتاريخ، وغيرها الكثير جدًا، وهذا جهد يعين طلبة العلم الشرعي وغيرهم بالإطلاع على مراجع يصعب عليهم شراؤها أو الإطلاع عليها مباشرة، فجزا الله تعالى القائمين عليها خير الجزاء، ومن هذه البرامج المحوسبة المكتبة الشاملة، والمكتبة الألفية للحديث الشريف، وغيرها التي استعنت بها في إعداد هذه الرسالة، وسأشير بقائمة المصادر إليها -إن شاء الله تعالى-.

 

وقد قسمت رسالتي هذه إلى مقدّمة، وخمسة فصول، وخاتمة، جاءت على النحو التالي:

الفصل الأول: نزعُ الرّوح، وفيه أحد عشر مبحثًا

المبحث الأول: مفهوم الروح في اللغة، واستعمالاتها في القرآن الكريم

المبحث الثاني: استقلال الروح عن الجسد

المبحث الثالث: خلق الروح

المبحث الرابع: نزع الروح

المبحث الخامس: الموت للروح أم للجسد

المبحث السادس: عرض الروح على الله تعالى بعد قبضها

المبحث السابع: عودة الروح إلى الجسد

المبحث الثامن: مستقر الأرواح في البرزخ

المبحث التاسع: تمايز الأرواح

المبحث العاشر: تلاقي أرواح الأموات وتزاورهم

المبحث الحادي عشر: تلاقي أرواح الأموات والأحياء

 

الفصل الثاني: النعيم والعذاب في حياة البرزخ، وفيه خمسة مباحث:

المبحث الأول: هل يقع العذاب على الروح أم على البدن أم على كليهما؟

المبحث الثاني: ما قيمة النعيم أو العذاب في حياة البرزخ؟

المبحث الثالث: بداية النعيم أو العذاب في حياة البرزخ

المبحث الرابع: الميت يسأل، وينعَّم أو يعّذب ولو لم يُدفن

المبحث الخامس: من أحوال أهل البرزخ

 

الفصل الثالث: القبر، وفيه عشرة مباحث:

المبحث الأول: القبر في اللغة وفي الاصطلاح، ومرادفات القبر

المبحث الثاني: ما يُقال عند الدفن

المبحث الثالث: خطاب القبر للميت

المبحث الرابع: هول القبر وفظاعته وظلمته

المبحث الخامس: ضمة القبر

المبحث السادس: الملكان "منكر ونكير"

المبحث السابع: تمثيل غروب الشمس للميت

المبحث الثامن: التعبد في البرزخ

المبحث التاسع: عرض مقعد الميت عليه

المبحث العاشر: بلاء جسد الميت

 

الفصل الرابع: نعيم القبر وعذابه، وفيه أربعة مباحث:

المبحث الأول: ثبوت نعيم القبر وعذابه

المبحث الثاني: أسباب العذاب في الحياة البرزخية

المبحث الثالث: ما ينجي من فتنة القبر "البرزخ" وعذابه

المبحث الرابع: دوام عذاب القبر وانقطاعه

 

الفصل الخامس: علاقة الأموات بالأحياء، وفيه خمسة مباحث:

المبحث الأول: سماع الميت

المبحث الثاني: سماع أصوات المعذبين في حياة البرزخ

المبحث الثالث: زيارة الأموات، مشروعية زيارة الأموات

المبحث الرابع: النهْي عن سَبِّ الأموات

المبحث الخامس: ما ينفع في حياة البرزخ

 

الخاتمة وفيها الحديث عن نهاية حياة البرزخ وتكون بالّنفخ في الصّور، ثم أهم نتائج البحث، ويليها ملحق ثبت المراجع ومصادر البحث، ويليه ملحق لأطراف الآيات، وبعده ملحق لأطراف أحاديث البحث، وأخيرًا ملحق من ترجم له.

 

منهجية البحث:

اعتمدت في بحثي هذا على منهجية علمية في كتابة موضوع " حياة البرزخ " وذلك من خلال إتباع الخطوات الآتية:

أولًا: جمع الآيات القرآنية ذات الصلة، والرجوع إلى كتب التفسير لمعرفة معانيها.

 

ثانيًا: الاطلاع على الأحاديث الواردة في الباب، وتوظيفها في عناوينها المناسبة، ومواضعها المتعدّدة.

 

ثالثًا: توثيق الأحاديث النبوية الشريفة وتخريجها من مظاّنها، وذلك بذكر اسم الشهرة للمؤلف، ثم اسم المرجع، ثم اسم الكتاب للحديث المذكور وفي أي باب، ورقم الجزء والصفحة ثم الحرف ح بدلًا من رقم الحديث، ومثال ذلك: البخاري، صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب في الأمل وطوله (5/ 2359) ح (6054 ).

 

رابعًا: وإذا كان الحديث من غير البخاري ومسلم ذكرت حكم أحد العلماء فيه، فإن لم أجد بحثت عن حكمها في مراجع أخرى من كتب التخريج، وأحاديث معدودة من كتب شروح الأحاديث، وأقل منها التي حكمت عليها وفقًا لحال الإسناد وترجمة رواته، والتي لم أجد عليها حكم أحد المحدثين.

 

خامسًا: الرجوع إلى أمّهات الكتب من مصادرها ومراجعها المختلفة في توفير المادة ذات الصلة بالموضوع.

 

سادسًا: إتباع الأسلوب العلمي في كتابة الأبحاث، بما يّتفق مع الخطة المتبعة في نظام كتابة الرسائل الجامعية، بحيث تشمل:

أ- تقسيم البحث إلى فصول ومباحث ومطالب.

ب- توثيق الآيات القرآنية بشكل دقيق.

ت- توثيق المعلومات بشكل دقيق، ونسبة الأقوال إلى أصحابها.

ث- وضع علامات الترقيم، والتشكيل والتصنيف.

 

سابعا: ترجمت للأعلام, وعرّفت بهم باختصار، عند ذكرهم لأول مرة، ولم أشر إلى موضع ترجمتهم عند ذكرهم مرة ثانية، واكتفيت بما ترجم لأصحاب كتب التفسير، والسنن، وغيرهم كما هو مُترجم لهم فيها.

 

ثامنا: قمت بإعداد فهارس وملحقات تفصيلية، تعين من يطلع على الرسالة الوصول إلى مبتغاه بسرعة وسهولة.

 

أهمية البحث:

تكمن أهمية البحث في موضوع "حياة البرزخ" في كونه من أمور العقيدة والتي يجب على كل مسلم أن يؤمن بما صحّ من تفاصيلها، كما أن أثر الإيمان بها على النفس المؤمنة يظهر جليا بفعل الخيرات والابتعاد عن المنكرات.

 

كما تكمن أهمية البحث في عدم توافر المراجع أو الكتب المتخصّصة ذات الصلة بالموضوع، وافتقار بعضها إلى تخريج الأحاديث فيها، وبيان الصحيح منها و السّقيم، وخاصة أن بعض العلماء بنوا الكثير من أمور حياة البرزخ على أحاديث ضعيفة، بل وضعيفة جدًا.

 

كما أن هذا البحث يجمع أقوال العلماء من بطون الكتب، ويرّتبها مع بيان أدلتها، وترجيح أصوبها، وأصحّها دليلًا.

 

وتزداد أهمية هذا البحث بترتيب مواضيع حياة البرزخ من بدايتها عند قبض الروح، إلى نهايتها بالنفخ في الصّور.

 

كما أن تشجيع أساتذتي الأفاضل في كلية الشريعة وحّثهم لي للكتابة في هذا الموضوع نظرا لأهميته، وقلة الكتب المتخصصة فيه دفعني للكتابة في هذا الموضوع.

 

مشكلة البحث:

إن هذا البحث يعالج قضايا هامّة من أمور العقيدة، والتي يجب الإيمان بها إيمانا صادقا، يبعد عن كل شكّ، وخالصا من الشوائب، ومن هذه القضايا التي يعالجها البحث:

أولًا: هل الروح مخلوقة؟، وهل هي مستقلة عن الجسد؟، وتموت بموت الجسد؟.

 

ثانيًا: ما هي حقيقة النعيم، أو العذاب في حياة البرزخ؟ وهل يصلان إلى الروح والبدن؟، وهل ينعم الميت أو يعذب ولو لم يُدفن؟.

 

ثالثًا: هل هناك نصوص شرعية تثبت النعيم أو العذاب في حياة البرزخ؟.

 

رابعًا: أين تذهب الروح بعد قبضها؟، وهل تعود الروح إلى الجسد عند سؤال الملكين؟.

 

خامسًا: هل تتلاقى أرواح الأموات بعضها مع بعض؟، وهل تتلاقى أرواح الأموات مع أرواح الأحياء؟.

 

سادسًا: ما هي أسباب عذاب القبر؟، وهل هناك أعمال تنجي فاعلها؟.

 

سابعًا: هل الأموات يسمعون كلام الأحياء؟.

 

ثامنًا: هل ينتفع الأموات بأعمال من سعيهم في حياتهم، ومن سعي الأحياء؟.

 

صعوبات البحث:

لا بدّ أن يواجه كل باحث أنواعًا من العقبات والصعوبات في بداية الطريق، منها:

أولا: عدم تعرض العلماء لهذا الموضوع بشكل تفصيلي، وإفراده في مصنفات خاصة، بحيث يستطيع أي باحث الرجوع إليها، والاستفادة منها.

 

ثانيا: قلة المراجع والمصادر التي تتناول هذا الموضوع بالإفراد، وبطريقة متخصّصة.

 

ثالثا: هناك الكثير من الأحاديث التي تتعلق بهذا الموضوع، والتي تحتاج إلى تخريج وتحقيق، أو الحكم عليها، وهذا بلا شك يحتاج إلى جهد ووقت، ودّقة في البحث.

 

رابعا: ولعل هذه الملاحظة أهمها وهي أنّ الكتابة في موضوع حياة البرزخ يحتاج إلى دّقة متناهية، لأنه من أمور العقيدة الغيبيّة، والتي لم توضّح نصوص الشريعة حيثياتها بإسهاب ووضوح تام، وهذا ما أدّى إلى اختلاف العلماء في تأويل وتفسير هذه النصوص.

 

دراسات سابقة:

لا بدّ من الإشارة إلى بعض الدراسات السابقة التي تناولت موضوع حياة البرزخ، منها:

"الحياة البرزخية في الإسلام" إعداد الطالب: حسين جابر موسى، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في العقيدة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة (1399 هـ).

 

"أحاديث العقيدة في مسند الإمام أحمد، أحاديث اليوم الآخر، البرزخ وأحوال القيامة ترتيبًا، وتخريجًا، وشرحًا، ودراسة" إعداد الطالب: علي بن سعيد العبيدي، لنيل درجة الماجستير من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بالرياض (1418 هـ).

 

"حياة البرزخ في ضوء السنة النبوية" د. نوال بنت عبد العزيز العيد.

 

"الحياة البرزخية من الموت إلى البعث" للشيخ محمد عبد الظاهر خليفة، مفتش بالأزهر، ط 2 (1393 هـ- 1973 م).

 

"أحاديث حياة البرزخ في الكتب التسعة، جمعًا وتخريجًا ودراسة" إعداد الطالب: د. محمد بن حيدر بن مهدي بن حسن، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة أم درمان الإسلامية، بالسّودان (1425 هـ- 2004 م).

 

ومن المؤلفات المتقدّمة في هذا المجال، والتي لا يمكن الاستغناء عنها: كتاب الروح لابن قيم الجوزية، والتذكرة للقرطبي، وإثبات عذاب القبر للبيهقي، وأهوال القبور لابن رجب، وشرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور لجلال الدين السيوطي، وكتاب حسن الظنّ بالله، لابن أبي الدنيا، وهناك العديد غيرها.

 

أهداف البحث:

من أهداف هذا البحث:

أولًا: بسط مفهوم حياة البرزخ.

 

ثانيًا: إبراز قيمة الإيمان بالنعيم أو العذاب في حياة البرزخ على حياة المسلم بشكل خاص، وعلى الأمة بشكل عام.

 

ثالثًا: جمع الآيات القرآنية، والأحاديث الصحيحة التي تتحدث عن هذا الموضوع واستشراف دلالتها، والخروج بزبدة أقوال العلماء في كل قضية من قضاياها.

 

رابعًا: إثراء المكتبات، وسدّ ثغرة فيها بتسهيل رجوع الباحثين إلى هذا الموضوع.

 

خامسًا: يمكن لهذا البحث مساعدة طلبة العلم الشرعي، وأئمة المساجد والوعّاظ، بل وكل مسلم يسعى لطلب العلم.

 

وقبل كل ما ذكر وبعده أسأله سبحانه وتعالى التوفيق والسّداد، والقبول والأجر والثواب.

 

الخاتمة:

لكل بحث في العادة خاتمة واحدة، يذكر فيها أهم نتائجه وما توصل إليه الباحث بعد الانتهاء من بحثه، لكن في هذا البحث وللدّقة العلمية اضطررت لخاتمتين، الأولى وفيها إغلاق لموضوع حياة البرزخ، والثانية فيها أهم نتائج البحث.

 

أولا: النفخ في الصُّور

ذكرت سابقًا أن حياة البرزخ هي الحياة الواقعة بين الموت والبعث -يوم القيامة-، وهنا أشير باختصار إلى بداية النهاية لحياة البرزخ للتذكير أولًا، وإيفاءِ المعنى ثانيًا ونهاية حياة البرزخ تبدأ بالنفخ في الصُّور، وهو أول هول عظيم من أهوال يوم القيامة.

 

قال ابن كثير: "أول شيءٍ يَطرق أهل الدنيا بعد وقوع أشراط الساعة[1]، نفخة الفزع، وذلك أن الله سبحانه يأمر إسرافيل، فينفخ في الصور نفخة الفزع، فيطوِّلها، فلا يبقى أحد من أهل الأرض ولا السماوات إلى َفزع[2]، إلا من شاء الله، ولا يسمعها أحدٌ من أهل الأرض إلا أصغى ليتًا، ورفع ليتًا -أي رفع صفحة عنقه وأمال الأخرى- يستمع هذا الأمر العظيم، قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ * وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 87، 88]"[3] [4].

 

عن النعمان بن سالم[5] قال: سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي[6].

يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، وجاءه رجل، فقال: ما هذا الحديث الذي ُتحدث به؟، تقول: إنَّ الساعة تقوم إلى كذا وكذا، فقال: سبحان الله، أو لا إله إلا الله، أو كلمة نحوهما، لقد هممت أن لا أحدث أحدًا شيئًا أبدًا، إنما قلت: إنكم سَترَوْن بعد قليل أمرًا عظيمًا، يُحَرَّق البيْت، ويكون ويكون، ثم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يخرج الدّجّال في أمتي، فيمكث أربعين، لا أدري أربعين يومًا، أو أربعين شهرًا، أو أربعين عاما، فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود، فيطلبُهُ فيُهلِكهُ، ثم يمكث الناسُ سبع سنين ليس بين اثنيْن عداوة، ثم يُرسل الله ريحًا باردة من قبَل الشأْم، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضتْهُ، حتى لو أنَّ أحدكم دخل في َ كبَدِ جبل لدخلته عليه، حتى تقبضه "، قال: سمعتها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "فيبقى شِرار الناس في خِفَّة الطير، وأحلام السِّباع، لا يعرفون معروفا، ولا ينكرون منكرا، فيتمثَّلُ لهم الشيطان، فيقول: ألا تستجيبون، فيقولون: فما تأمرنا، فيأمرهم بعبادةِ الأوثان، وهم في ذلك دارٌّ ِ رزقهم، حَسَنٌ عَيشهم، ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أَصْغى ليتًا[7]، ورفع ليتًا، قال: وأوّل من يسمَعهُ رجلٌ يلوط[8] حوض إبله، قال: فيُصْعَق.

 

ويُصعق الناس، ثم يُرسل الله، أو قال: يُنزل الله مطرًا كأنه الطلّ[9]، أو الظِّل -نعمانُ الشاك - َفتْنبت منه أجسادُ الناس، ثم يُنفخ فيه أُخرى، فإذا هم قِيامٌ ينظرون، ثم يُقال: يا أيها الناس هَُلمَّ إلى رَبَّ ُكم: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ "[10]، قال: ثم يُقال: أخْرجوا بَعْث النار[11]، فيُقال: مِن َ كمْ، فيُقال: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين، قال: فذاك يَوْمَ: ﴿ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ﴾ [المزمل: 17] وذلك: "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ "[12] [13].

 

ثانيا: نتائج البحث:

لاشك أن موضوع "حياة البرزخ" موضوعٌ واسع جدًا، ولا أَدّعي أَنني أحطتُّ بجميع مسائله، أو أعطيت كل مسألة حّقها الكامل، ولكني بذلت جهدي مستعينًا بالله تعالى أن أسلِّط الضوء على أغلبها، من منظور القرآن الكريم أولًا، ثم بما صَحّ من السنة النبوية الشريفة، وما روي عن الصحابة رضوان الله عليهم، وتابعيهم من العلماء الأفاضل رحمهم الله إلى زماننا هذا، وما كتبته في هذا البحث هو ما توصلت إليه مما أطلعت عليه من الكتب، وقد يكون هناك ما هو خيرٌ وأصوب مما كتبت والله تعالى أعلم.

 

وأهم ما توصلت إليه في بحثي هذا ألخصه فيما يلي:

أولًا: أن الإيمان بعذاب القبر واجب كالإيمان بالغيبيّات الأخرى من عقيدة الإسلام، مثل اليوم الآخر والملائكة والجنة والنار.

 

ثانيًا: أن حسن الظنّ بالله تعالى حال الاحتضار من تمام إيمان العبد، ومن مات وهو مسيءٌ للظن به عز وجل فقد يئِس من رحمه الله تعالى، وعاقبته مع الخاسرين.

 

ثالثًا: أن الله تعالى يحب لقاء من أحبَّ لقاءه، ويكره سبحانه لقاء من كره لقاءه.

 

رابعًا: يُرفق بالمؤمن عند قبض روحه، ويُبشر بالروْح والريحان، وبالجنةِ والرضوان، وُتنْتزع روح الكافِر انتزاعًا ولا يجد وقتها إلا الملائكة السُّود، والرائحة الكريهة والغضب من الله تعالى.

 

خامسًا: للروح اتصال بالبدن وفي القبر في البرزخ، كشعاع الشمس، أصله في السماء، وساقط في الأرض.

 

سادسًا: ُتعاد الروح إلى الميّت بعد وضعه في قبره، وتعاد إلى من لم يُقبر ويلقى صاحبها من النعيم أو العذاب من غير أن نرى ذلك أو نسمعه، كالنائم وهو يحلم يَشعر بالفرح والألم ولا نرى أثره عليه.

 

سابعًا: أَلم ضمة القبر للمؤمن كألم المرض، أو ألم فقدانه للولد، وألم خروج نفسه، وهي ليست من عذاب القبر له، وتكون عذابًا أليمًا للكافر والعاصي.

 

ثامنًا: استفاضت أدلة عذاب القبر ونعيمه من الكتاب والسنة، ولا يمكن ردّها لمجردِ استدلالاتٍ عقليّة.

 

تاسعًا: النعيم في حياة البرزخ يَغْنمُ به عباد الله المؤمنين، وأما الكافرون فعذاب القبر عليهم دائم، وأما العُصاة من المسلمين يعذبون، وَيَنقطع العذاب عنهم أحيانًا.

 

عاشرًا: يكون عذاب القبر من عدم التنزه من البول والنميمة والغيبة، والوصيّة أو الرضا بالّنوح عليه وغيرها، أما المنجية من عذاب القبر، القتل في سبيل الله، والأعمال الصالحة، والموت بمرض البطن، والاستعاذة منه بالدعاء، وغيرها.

 

الحادي عشر: تتفاوت الأرواح في مستقرها، حسب ُقربها من الله تعالى وبعدها منه، وأقرّبها إليه أرواح الأنبياء في عليّين، وأخرى في حواصل طير خضر تسرح من الجنة حيث شاءت وهي أرواح الشهداء، وأخرى محبوسة على باب الجنة، وأخرى محبوسة في القبر.

 

الثاني عشر: تلتقي أرواح الموتى وتتعارف وتتزاور، ويستبشر أحدهم بمقدم أقاربه، أو من يعرفه إذا كانوا صالحين.

 

الثالث عشر: الموتى يسمعون كلام الأحياء، كما ثبت في حديث القليب، وسماع الميت خفق نعال مشيّعيه.

 

الرابع عشر: ينتفع الموتى ِبسَعْي الأحياء، وتستبشر بها، وِبما يهدونه إلى أرواحهم من ثواب الأعمال الصالحة المبيّنة في الأحاديث الشريفة.

 

الخامس عشر: ليس من السنة وضع الجريد على القبور بل هو أمر خاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يثبت أن قراءة القرآن يَصل ثوابها للميت أو بسماعه.

 

السادس عشر: نهاية حياة البرزخ تكون ببداية الإذْن منه سبحانه ليوم القيامة بالنفخ في الصور النفخة الأولى فيموت الخلق، وفي الثانية يحييهم الله تعالى للحشر والحساب.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين



[1] أشراط الساعة: علامات الساعة، وأحدها َ شرَط..[ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث (2/ 460)]

[2] فزع: الفزع انقباض ونِفارٌ يعتري الإنسان من الشيء المخيف. [الأصفهاني، معجم مفردات ألفاظ القرآن (1/ 392)].

[3] داخرين: أي أذلاء.. [المرجع السابق (1/ 167)].

[4] ابن كثير، البداية والنهاية (19-304).

[5] هو النعمان بن سالم الطائفي، ثقة، من الرابعة.[ابن حجر، تقريب التهذيب (2/ 308)].

[6] يعقوب بن عاصم بن عُروة بن مسعود الثقفي، أخو نافع، مقبول، من الثالثة.[ابن حجر، تقريب التهذيب (2/ 385)].

[7] ليتا: اللِّيت: صفحة العُنق، وهما ليتان، وأصغى: أمالَ.[ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث (4/ 248)].

[8] يلوط: أي يُطيْنه ويُصْلِحُه.[ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث (4/ 277)].

[9] الطل: الذي ينزل من السماء في الصَّحْو، وقيل: أضعف المطر.[ ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث (3/ 136)].

[10] الصّافات ( 24 )

[11] بَعْث النار: أي البعوث إليها من أهلها.[ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث (1/ 138)].

[12] القلم ( 42 )

[13] مسلم، صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ومكثه في الأرض -واللفظ منه - (4/ 2258) ح (2940).

[ابن حنبل، مسند أحمد (2/ 166) ح (6555) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

.............