ذكر بعد
قعر جهنم واتساعها وضخامة أهلها ، أجارنا الله منها
قال تعالى : إن
المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا [
النساء : 145 ] . وقال تعالى : وأما من خفت موازينه فأمه
هاوية وما أدراك ما هيه نار حامية [ القارعة : 8 - 11 ]
، وقال تعالى : لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم
غواش وكذلك نجزي الظالمين [ الأعراف : 41 ] . وقال تعالى
: يوم يدعون إلى نار جهنم دعا
هذه النار التي كنتم بها تكذبون [ الطور : 13 ، 14 ] .
وقال تعالى : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد .
إلى قوله : وتقول هل من مزيد [
ق : 24 - 30 ] .
وقد ثبت في " الصحيحين " من غير وجه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : " لا تزال جهنم يلقى
فيها ، وتقول : هل من مزيد ؟ حتى يضع عليها رب العزة قدمه ، [ ص: 133 ] فينزوي
بعضها إلى بعض ، وتقول ؟ قط قط وعزتك " .
وقال مسلم : حدثنا محمد بن أبي عمر المكي ، حدثنا عبد العزيز الدراوردي ، عن يزيد
بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن عيسى
بن طلحة ، عن أبي
هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما
فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب " .
ورواه البخاري عن إبراهيم
بن حمزة ، عن عبد العزيز ، بنحوه ، ولفظه : " يزل بها في النار أبعد ما بين
المشرق " . ولم يذكر المغرب .
[ ص: 134 ] وقال عبد الله بن
المبارك : حدثنا الزبير بن سعيد ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : " إن
الرجل ليتكلم بالكلمة ؟ يضحك بها جلساءه ، يهوي بها من أبعد من الثريا "
. غريب ، والزبير فيه لين .
وقال أحمد : حدثنا حسين بن محمد ، حدثنا خلف بن خليفة ، عن يزيد بن كيسان ، عن أبي
حازم ، عن أبي هريرة ، قال
: كنا عند رسول الله صلى الله
عليه وسلم يوما فسمعنا وجبة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أتدرون ما
هذا ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : " هذا حجر أرسل في جهنم منذ
سبعين خريفا ، فالآن انتهى إلى قعرها " . ورواه مسلم عن محمد بن عباد وابن أبي
عمر ، عن مروان ، عن يزيد بن كيسان ، به ، نحوه .
حديث آخر : وقال الحافظ أبو نعيم
الأصبهاني : حدثنا عبد الملك بن الحسن بن يوسف السقطي ، حدثنا أحمد
بن يحيى ، حدثنا أبو أيوب
الأنصاري [ ص: 135 ] أحمد بن عبد الصمد ، حدثنا إسماعيل بن قيس ، عن
يحيى بن سعيد ، عن أبي الحباب
سعيد بن يسار ، عن أبي
سعيد الخدري ، أنه قال : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوتا هاله ذلك ، فأتاه
جبريل فقال : " ما هذا الصوت يا جبريل ؟ قال : هذه صخرة هوت من شفير جهنم منذ
سبعين عاما ، فهذا حين بلغت قعرها ، أحب الله أن يسمعك صوتها " . قال : فما
رئي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك اليوم ضاحكا ملء فيه حتى قبضه الله عز
وجل . وقد روى البيهقي
من طريق أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس ، عن
النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من هذا السياق .
وثبت في " صحيح مسلم " ، عن عتبة بن غزوان ، أنه قال في خطبته : وقد ذكر لنا أن الحجر
يلقى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاما ، لا يدرك لها قعرا ، والله لتملأن ،
أفعجبتم ؟ وقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة ،
وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام .
حديث آخر : قال أبو يعلى : حدثنا عثمان
بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي بكر ، عن
أبيه أبي موسى الأشعري ، قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أن حجرا قذف به في جهنم لهوى سبعين خريفا قبل [ ص: 136
] أن يبلغ قعرها " .
حديث آخر : روى الترمذي ، والنسائي
، والبيهقي ، والحافظ أبو نعيم
الأصبهاني ، واللفظ له ، من حديث عبد
الله بن المبارك : حدثنا عنبسة ، عن حبيب بن أبي عمرة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : أتدرون ما سعة جهنم ؟ فقلنا : لا . فقال : أجل ، والله ما تدرون ، إن ما بين شحمة أذن
أحدهم وبين عاتقه مسيرة سبعين خريفا ، تجري فيه أودية القيح والدم . قال : قلنا :
أنهار ؟ قال : لا ، بل أودية . ثم قال : أتدرون ما سعة جهنم ؟ قال : قلنا : لا .
قال : أجل ، والله ما تدرون ، حدثتني عائشة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن
قوله : والأرض جميعا قبضته يوم
القيامة والسماوات مطويات بيمينه [ الزمر : 67 ] . أين
الناس يومئذ ؟ قال : " على جسر جهنم " .
وإنما روى الترمذي ، والنسائي المرفوع
فقط ، وقال الترمذي : صحيح غريب من هذا الوجه .
وثبت في " صحيح مسلم " من حديث العلاء بن خالد ، عن أبي وائل شقيق بن
سلمة ، عن ابن مسعود ، مرفوعا : " يجاء بجهنم يومئذ [ ص: 137 ] تقاد بسبعين ألف زمام ، مع كل
زمام سبعون ألف ملك يجرونها " . وروي موقوفا على ابن مسعود .
فالله أعلم .
وروي في حديث ، عن علي بن موسى الرضا ، عن آبائه ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله
عنه ، مرفوعا : " هل تدرون ما تفسير هذه الآية : كلا إذا دكت الأرض دكا دكا
وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم [ الفجر : 21
- 23 ] . قال : " إذا كان يوم القيامة تقاد جهنم بسبعين ألف زمام ، كل زمام
بيد سبعين ألف ملك " . قال : " فتشرد شردة لولا أن الله حبسها لأحرقت
السماوات والأرض " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن إسحاق ، حدثنا عبد الله ، حدثنا سعيد بن يزيد ، حدثنا
أبو السمح ، عن عيسى بن هلال الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " لو
أن رصاصة مثل هذه - وأشار إلى جمجمة - أرسلت من السماء إلى الأرض ، وهى مسيرة
خمسمائة سنة ، لبلغت [ ص: 138 ] الأرض قبل الليل ، ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة
لسارت أربعين سنة ، الليل والنهار ، قبل أن تبلغ أصلها أو قعرها "
. ورواه الترمذي .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عاصم ، حدثنا عبد الله بن أمية ، حدثني محمد بن حيي
، حدثني صفوان بن يعلى ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " البحر هو جهنم " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق