مدونة في وداع الله يا امي/يا الله /جاري جاري / مدونات لا شرك لا شرك /قانون الحق الالهي/نوتة الصلاة //في وداع الله يااماي/تعلم التفوق بالثانوية /السيرة النبوية /الفهرست/اللهم ارحم ابي وامي /المضبطة /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا/حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين/قانون الحق الالهي اا./قانون الحق الالهي/قانون العدل الالهي/قانون ثبات سنة الله في الخلق/كتاب الفتن علامات الساعة ويوم القيامة /مدونات لا شين/مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها /وصف الحور العين /مامي 27/المدونة التعليمية المساعدة/مدونة الاميرة اسماء صلاح التعليمية/أمي الحنون الغالية/الكشكول الأبيض2ثانوي/الأم)منهج الصف الثاني الثانوي علمي رياضة وعلوم /ثانوي {الحاسب الآلي - والمواطنة} /ثاني ثانوي لغة عربية /أمي الحنون الغالية /احياء ثاني ثانوي ترم أول /الأمراض الخطرة والوقاية منها /البداية والنهاية للحافظ بن كثبر /التاريخ 2ث /التجويد //الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث //الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي //الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانوي //الخلاصة الحثيثة في الفيزياء //الديوان الشامل لاحكام الطلاق //السيرة النبوية //الطلاق المختلف عليه//الفيزياء الثالث الثانوي روابط //اللغة الفرنسية 2ثانوي //الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول//المنهج في الطلاق //النخبة في مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 //النخبة في شرعة الطلاق //الهندسة بأفرعها //بيت المعرفة العامة //ترم ثاني ثاني ثانوي علمي ورياضة وادبي.. //تفوق وانطلق للعلا //ثالثة ثانوي مدونة//ثاني ثانوي ترم اول وثاني الماني //روابط المواقع التعليمية //روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام//رياضيات بحتة وتطبيقية تاني ثانوي ترم ثاني //عبد الواحد ترم أول2ثانوي //عبدالواحد ثاني ثانوي ترم1و2.//علم المناعة //فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث ترم اول//فيزياء ثاني ثانوي ترم أول //فيزياء ثاني ثانوي ترم ثاني //كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري //كتاب الزكاة //كتب ثاني ثانوي ترم1و2 //كشكول //كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثاني //كيمياء ثاني ثانوي ترم أول //لغة انجليزية2ث.ترم أول //مدونة الأميرة الصغيرة//أسماء صلاح التعليمية 3ث //مدونة الإختصارات //مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة/الطلاق7/5هـ//مدونة اللغة الإيطالية //مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية //مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني//مكتبة روابط ثاني ثانوي ترم اول //منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام //ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول //نهاية البداية

الثلاثاء، 12 أبريل 2016

ايراز النيران والجنان ونصب الميزان ومحاسبة الديان



فصل في إبراز النيران ، والجنان ، ونصب الميزان ، ومحاسبة الديان (روابط اسلام ويب)


قال الله سبحانه وتعالى : وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين [ الشعراء : 90 ، 91 ] ، . وقال : وإذا الجحيم سعرت وإذا الجنة أزلفت علمت نفس ما أحضرت [ التكوير : 12 - 14 ] . وقال تعالى : يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد [ق : 30 - 31 ] ، الآيات . وقال تعالى : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة [ الأنبياء : 47 ] ، الآية . وقال تعالى : إن الله لا يظلم مثقال ذرة [النساء : 40 ] . وقال لقمان لابنه فيما أخبر الله عنه : يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير [ لقمان : 16 ] . والآيات في هذا كثيرة جدا 



- تفسير القرطبي

- تفسير ابن كثير
- تفسير الطبري
- تفسير البغوي
- التحرير والتنوير
- التفسير الكبير المسمى البحر المحيط
- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
- فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية
- التفسير الكبير

ذكر الميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزان

ال تعالى : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة الآية [ الأنبياء : 47 ] . وقال تعالى : فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون [ المؤمنون : 102 ، 103 ] . وقال تعالى : والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون [ الأعراف : 8 ، 9 ] . وقال تعالى : فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية [ القارعة : 6 ، 7 ] ، الآيات . وقال تعالى : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا [ الكهف : 105 ] . 

 قال أبو عبد الله القرطبي : قال العلماء : إذا انقضى الحساب ، كان بعده وزن الأعمال; لأن الوزن للجزاء ، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة ، فإن المحاسبة لتقدير الأعمال ، والوزن لإظهار مقاديرها; ليكون الجزاء بحسبها . 

وقال : وقوله تعالى : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة . يحتمل أن يكون ثم موازين متعددة توزن فيها الأعمال ، ويحتمل أن يكون المراد الموزونات ، فجمع باعتبار تنوع الأعمال الموزونة . والله أعلم

- تفسير القرطبي
- تفسير ابن كثير
- تفسير الطبري
- تفسير البغوي
- التحرير والتنوير
- التفسير الكبير المسمى البحر المحيط
- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
- فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية
- التفسير الكبير
ذكر العرض على الله عز وجل يوم القيامة وتطاير الصحف ومحاسبة الرب عز وجل عباده
قال الله تعالى : وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا [ الكهف : 48 - 49 ] . وقال تعالى : وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق [ الزمر : 69 ] إلى آخر السورة ، وقال تعالى : ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم الآية . [ الأنعام : 94 ] وقال تعالى : ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون [ يونس : 28 - 30 ] ، وقال تعالى : ويوم نحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس . إلى قوله تعالى : ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا الآية [ الأنعام 128 - 130 ] . وقال تعالى : يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية [ ص: 6 ] [ الحاقة : 18 ] . والآيات في هذا كثيرة جدا ، وسيأتي في كل موطن ما يتعلق به من آيات القرآن . 

وتقدم في " صحيح البخاري " عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنكم ملاقو الله حفاة عراة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده "[ الأنبياء : 104 ] . وعن عائشة وأم سلمة وغيرهما نحو ما تقدم . 

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا أبو نصر التمار ، حدثنا عقبة الأصم ، عن الحسن ، قال : سمعت أبا موسى الأشعري ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات ; فعرضتان جدال ومعاذير ، وعرضة تطاير الصحف ، فمن أوتي كتابه بيمينه ، وحوسب حسابا يسيرا ، دخل الجنة ، ومن أوتي كتابه بشماله دخل النار " . 

وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا علي بن علي بن رفاعة ، عن الحسن ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدال ومعاذير ، وأما الثالثة فعندها تطير الصحف في الأيدي ، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله " . وكذا رواه ابن ماجه ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع ، به . 

والعجب أن الترمذي روى هذا الحديث عن أبي كريب ، عن وكيع ، عن علي بن علي ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله ، ثم قال الترمذي : ولا يصح هذا ؛ من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة . قال : وقد رواه بعضهم عن علي بن علي ، عن الحسن ، عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . 
قلت : الحسن قد روى له البخاري عن أبي هريرة مقرونا بغيره . 
وقد وقع في " مسند الإمام أحمد " التصريح بسماع الحسن من أبي هريرة ، فالله أعلم . وقد يكون الحديث عنده عن أبي موسى ، وأبي هريرة ،والله أعلم . 
وأما الحافظ البيهقي فرواه من طريق مروان الأصفر ، عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود ، من قوله مثله سواء . وقد روى ابن أبي الدنيا عنابن المبارك [ ص: 8 ] أنه أنشد في ذلك شعرا : 
وطارت الصحف في الأيدي منشرة فيها السرائر والجبار مطلع فكيف سهوك والأنباء واقعة 
عما قليل ولا تدري بما تقع إما الجنان وفوز لا انقطاع له 
أو الجحيم فلا تبقي ولا تدع تهوي بساكنها طورا وترفعهم 
إذا رجوا مخرجا من غمها قمعوا طال البكاء فلم يرحم تضرعهم 
فيها ولا رقة تغني ولا جزع لينفع العلم قبل الموت عالمه 
قد سال قوم بها الرجعى فما رجعوا

وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز : يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا إنه كان في أهله مسرورا إنه ظن أن لن يحور بلى إن ربه كان به بصيرا [ الانشقاق : 6 - 15 ] . 

قال البخاري في " صحيحه " : حدثنا إسحاق بن منصور ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا حاتم بن أبي صغيرة ، حدثنا عبد الله بن أبي مليكة ، حدثنيالقاسم بن محمد ، حدثتني عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك " . فقلت : يا رسول الله ، أليس قد قال الله تعالى : فأما من أوتي كتابه بيمينه [ الانشقاق : 7 ، 8 ] ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما ذلك العرض ، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا [ ص: 9 ] عذب " . أشار إلى أن الله تعالى لو ناقش العباد في حسابه لهم ، لعذبهم كلهم وهو غير ظالم لهم ، ولكنه تعالى يعفو ويصفح ويغفر ، ويستر في الدنيا والآخرة ، كما في حديث ابن عمر في النجوى : " يدني الله العبد يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه ، ثم يقرره بذنوبه ، حتى إذا ظن أنه قد هلك ، قال الله تعالى : إني قد سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم " . 
فصل : قال الله تعالى : فكانت هباء منبثا وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم الآيات [ الواقعة : 6 - 12 ] . فإذا نصب كرسي فصل القضاء انماز الكافرون عن المؤمنين في الموقف إلى ناحية الشمال ، وبقي المؤمنون عن يمين العرش ، ومنهم من يكون بين يديه ، قال الله تعالى : وامتازوا اليوم أيها المجرمون [يس : 59 ] . وقال تعالى : ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم الآية [ يونس : 28 ] ، وقال تعالى : وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون [ الجاثية : 28 ] . فالخلق كلهم قيام لرب العالمين بين يديه ، والعرق قد غمر أكثرهم ، وبلغ الجهد منهم كل مبلغ ، والناس فيه بحسب الأعمال ، كما تقدم في الأحاديث ، خاضعين ، صامتين ، لا يتكلم أحد إلا بإذنه تعالى ، ولا يتكلم يومئذ إلا الأنبياء والرسل ، حولهم أممهم ، وكتاب الأعمال قد اشتمل على عمل الأولين والآخرين ، موضوع لا يغادر [ ص: 10 ] صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، مما كان يعمل الخلق وأحصاه الله ونسوه وكتبته عليهم الحفظة ، كما قال تعالى : ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره [ القيامة : 13 - 15 ] . وقال تعالى : وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا [ الإسراء : 13 ، 14 ] . قال الحسن البصري : لقد أنصفك يا بن آدم ، من جعلك حسيب نفسك . والميزان منصوب لوزن أعمال الخير والشر ، والصراط قد مد على متن جهنم ، والملائكة محدقون ببني آدم وبالجن ، وقد برزت الجحيم ، وأزلفت دار النعيم ، وتجلى الرب سبحانه لفصل القضاء بين عباده ، وأشرقت الأرض بنور ربها ، وقرئت الصحف ، وشهدت على بني آدم الملائكة بما فعلوا ، والأرض بما عملوا على ظهرها ، فمن اعترف منهم ، وإلا ختم على فيه ، ونطقت جوارحه بما عمل بها في أوقات عمله ، من ليل أو نهار . 

وقال تعالى عن الأرض : يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها [ الزلزلة : 4 ، 5 ] ، وقال تعالى : ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون الآيات إلى قوله : فأصبحتم من الخاسرين [ فصلت : 19 - 23 ] . وقال تعالى : يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين [النور : 24 ، 25 ] ، وقال تعالى : اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون إلى قوله : ولا يرجعون [ يس : 65 - 67 ] ، وقال تعالى : وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما [ ص:11 ] [ طه : 111 ، 112 ] . أي لا ينقص من حسناته شيء ، وهو الهضم ، ولا يحمل عليه من سيئات غيره ، وهو الظلم
- تفسير القرطبي
- تفسير ابن كثير
- تفسير الطبري
- تفسير البغوي
- التحرير والتنوير
- التفسير الكبير المسمى البحر المحيط
- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
- فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية
- التفسير الكبير

فصل أول ما يقضي الله فيه الدماء

قال في حديث الصور : " ثم يقضي الله بين العباد ، فيكون أول ما يقضي فيه الدماء " . وهذا هو الواقع يوم القيامة ، وهو أنه بعد أن يفرغ الله سبحانه من الفصل بين البهائم ، يشرع في القضاء بين العباد ، كما قال تعالى : ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون [ يونس : 47 ] . 

ويكون أول الأمم يقضي بينهم هذه الأمة ; لشرف نبيها صلى الله عليه وسلم وفضلها ، كما أنهم أول من يجوز على الصراط ، وأول من يدخل الجنة ، كما ثبت في " الصحيحين " من حديث عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة " . وفي رواية : " المقضي لهم قبل الخلائق " . 

وقال ابن ماجه : حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا أبو سلمة ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن سعيد بن إياس الجريري ، عن أبي نضرة ، عن ابن عباس ،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " نحن آخر الأمم ، وأول من يحاسب ، يقال : أين [ ص: 18 ] الأمة الأمية ونبيها ؟ فنحن الآخرون الأولون ". 
سنن ابن ماجه
- الزهد 
مسند الإمام أحمد
- من مسند بني هاشم

حديث فيه أن الله تعالى يصالح عن عبده الذي له به عناية من ظلمه بما يريه من قصور الجنة ونعيمها


حديث فيه أن الله تعالى يصالح عن عبده الذي له به عناية من ظلمه بما يريه من قصور الجنة ونعيمها 

قال أبو يعلى : حدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا عبد الله بن بكر ، حدثنا عباد بن شيبة الحبطي ، عن سعيد بن أنس ، عن أنس ، قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه ، فقال عمر ؟ ما أضحكك يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ؟ فقال : " رجلان جثيا من أمتي بين يدي رب العزة ، تبارك وتعالى ، فقال أحدهما : يا رب ، خذ لي مظلمتي من أخي . قال الله تعالى : أعط أخاك مظلمته . قال : يا رب ، لم يبق من حسناتي شيء . قال [ ص: 40 ] الله تعالى للطالب : كيف تصنع بأخيك ؟ لم يبق من حسناته شيء . قال : يا رب ، فليحمل عني من أوزاري " . قال : وفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ، ثم قال : " إن ذلك ليوم عظيم ، يوم يحتاج فيه الناس إلى أن يحمل عنهم من أوزارهم ، فقال الله تعالى للطالب : ارفع بصرك ، فانظر في الجنان . فرفع رأسه ، فقال : يا رب ، أرى مدائن من فضة ، وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ ، لأي نبي هذا ؟ لأي صديق هذا ؟ لأي شهيد هذا ؟ قال : هذا لمن أعطى الثمن . قال : يا رب ، ومن يملك ذلك ؟ قال : أنت تملكه . قال : بماذا يا رب ؟ قال : بعفوك عن أخيك . قال : يا رب ، فإني قد عفوت عنه . قال الله تعالى : خذ بيد أخيك ، فأدخله الجنة " . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : " فاتقوا الله ، وأصلحوا ذات بينكم ; فإن الله يصلح بين المؤمنين يوم القيامة " . إسناد غريب ، وسياق غريب ، ومعنى حسن عجيب . 

وقد رواه البيهقي ، من حديث عبد الله بن بكر ، به ، وحكى عن البخاري أنه قال : سعيد بن أنس عن أبيه في المظالم لا يتابع عليه . ثم أوردهالبيهقي من طريق زياد بن ميمون البصري ، عن أنس مرفوعا ، بنحوه ، وفيه نظر أيضا ، وقد يستشهد له بما رواه البخاري في " صحيحه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أخذ أموال الناس يريد أداءها أداها الله عنه ، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله " . 

*وقد روى أبو الوليد الطيالسي ، عن عبد القاهر بن السري ، ورواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي ، من حديثه ، عن ابن لكنانة بن عباس بن مرداس السلمي ، وفي رواية ابن ماجه ، عن عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس ، عن أبيه ، عن جده عباس بن مرداس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة ، فأكثر الدعاء ، فأجابه الله تعالى : " إني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا " . فقال : " يا رب ، إنك قادر أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته ، وتغفر لهذا الظالم " . فلم يجبه تلك العشية ، فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء ، فأجابه الله : " إني قد غفرت لهم " . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال بعض أصحابه : يا رسول الله ، تبسمت في ساعة لم تكن تبسم فيها ؟ فقال : " تبسمت من عدو الله إبليس ، إنه لما علم أن الله سبحانه ، قد استجاب لي في أمتي أهوى يدعو بالويل والثبور ، ويحثو التراب على رأسه " . 

قال البيهقي : وهذا العفو يحتمل أن يكون بعد عذاب يمسهم ، ويحتمل أن يكون خاصا ببعض الناس ، ويحتمل أن يكون عاما في كل أحد

وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا صدقة بن موسى ، حدثنا أبو عمران [ ص: 42 ] الجوني ، عن قيس بن زيد - أو زيد بن قيس - عن قاضي المصرين شريح ، عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يدعو صاحب الدين يوم القيامة ، فيقول : يا بن آدم ، فيم أضعت حقوق الناس ؟ فيم أذهبت أموالهم ؟ فيقول : يا رب ، لم أفسد ، ولكني أصبت ، إما غرقا ، وإما سرقا. فيقول : أنا أحق من قضى عنك اليوم ، فترجح حسناته على سيئاته ، فيؤمر به إلى الجنة "

وثبت في " صحيح مسلم " ، عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي يقول الله عز وجل : " اعرضوا عليه صغار ذنوبه ، واتركوا كبارها . فيقال له : هل تنكر من هذا شيئا ؟ فيقول ؟ لا . وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه ، فيقول الله تعالى : إنا قد أبدلناك مكان كل سيئة حسنة . فيقول : يا رب ، إني قد عملت ذنوبا لا أراها هاهنا ؟ " قال : وضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه . 

وتقدم حديث ابن عمر في حديث النجوى : " يدني الله العبد يوم القيامة ، حتى يضع عليه كنفه ، ويقرره بذنوبه ، حتى إذا ظن أنه قد هلك ، قال : سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم . ويعطى كتاب حسناته بيمينه " . 

* وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا هارون بن عبد الله ، حدثنا سيار بن حاتم ، أنبأنا جعفر بن سليمان ، أنبأنا أبو عمران الجوني ، عن أبي هريرة ، قال : يدني الله تعالى العبد يوم القيامة ، فيضع عليه كنفه ليستره من الخلائق كلها ، ويدفع إليه كتابه ، في ذلك الستر ، فيقول تعالى : " اقرأ يا بن آدم كتابك " . فيمر بالحسنة فيبيض لها وجهه ، ويسر بها قلبه ، فيقول الله تعالى : " أتعرف يا عبدي ؟ " فيقول : نعم ، يا رب ، أعرف . فيقول : " إني قد تقبلتها منك " . قال : فيخر ساجدا ، قال : فيقول الله تعالى : " ارفع رأسك ، وعد في قراءة كتابك . فيمر بالسيئة ، فتسوءه ويسود لها وجهه ، ويوجل منها قلبه ، وترعد منها فرائصه ، ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعلمه غيره ، فيقول الله تعالى له : " أتعرف يا عبدي ؟ " فيقول : نعم ، يا رب ، أعرف . فيقول الله سبحانه : " فإني قد غفرتها لك " . " فيخر ساجدا فيقول الله عز وجل : " ارفع رأسك " . فلايزال في حسنة تقبل ، وسيئة تغفر ، وسجود عند كل حسنة وسيئة ، لا يرى الخلائق منه إلا ذاك السجود ، حتى ينادي الخلائق بعضها بعضا : طوبى لهذا العبد الذي لم يعص الله قط . ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبين الله عز وجل ، مما قد وقفه عليه 
وقال ابن أبي الدنيا : وقال أبو ياسر عمار بن نصر : حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة ، أو غيره ، قال : من أوتي كتابه بيمينه أتي [ ص: 44 ] بكتاب في باطنه سيئاته ، وفي ظاهره حسناته ، فيقال له : اقرأ كتابك . فيقرأ باطنه ، فيساء بما فيه من سيئاته ، حتى إذا أتى على آخرها قرأ فيه : " هذه سيئاتك ، وقد سترتها عليك في الدنيا ، وغفرتها لك اليوم " . ويغبطه بها الأشهاد - أو قال : أهل الجمع - مما يقرءون في ظاهر كتابه من حسناته ، ويقولون : سعد هذا . ثم يؤمر بتحويله ، وقراءة ما في ظاهره ، فيحوله ، ويبدل الله عز وجل ما كان في باطنه من سيئاته ، فيجعلها الله حسنات ، ويقرأ حسناته حتى يأتي على آخرها ، ثم يقول : " هذه حسناتك ، قد قبلتها منك " . فعند ذلك يقول لأهل الجمع : هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه [ الحاقة : 19 ، 20 ] . قال : ومن أوتي كتابه وراء ظهره يأخذه بشماله ، ثم يقال له : اقرأ كتابك . فيقرأ كتابه في باطنه حسناته ، وفي ظاهره سيئاته ، فيقرؤها أهل الموقف - أو قال : أهل الجمع - ويقولون : هلك هذا . فإذا أتى على آخر حسناته ، قيل : " هذه حسناتك ، وقد رددتها عليك " . ويؤمر بتحويله ، فيقرأ سيئاته . حتى يأتي على آخرها ، فعند ذلك يقول لأهل الجمع : يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه [ الحاقة : 25 - 29 ]

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا علي بن الجعد ، أنبأنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يؤتى بابن آدميوم القيامة كأنه بذج - والبذج ولد الشاة - فيقول له ربه عز وجل : أين ما خولتك ؟ أين ما ملكتك ؟ أين ما أعطيتك ؟ فيقول : يا رب ، جمعته وثمرته ، وتركته أكثر ما كان . [ ص: 45 ] فيقول : ما قدمت منه ؟ فلا يرى قدم شيئا ، فيطلب من الله الرجعة إلى الدنيا وليس براجع إلى الدنيا أبدا " 
وحدثني حمزة بن العباس ، أنبأنا عبد الله بن عثمان ، أنبأنا ابن المبارك ، أخبرنا إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ، وقتادة ، عن أنس بن مالك ،عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحوه ، وزاد فيه : " فيقول : يا رب أرجعني آتك به كله . فإذا أعيد لم يقدم شيئا ، فيمضى به إلى النار " . ثم ساقه من طريق يزيد الرقاشي ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . وقد قال تعالى : ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم [ الأنعام : 94 ] . 

وفي " صحيح مسلم " : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقول ابن آدم : مالي ، مالي . وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت " ، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس " . وقال تعالى : يقول أهلكت مالا لبدا أيحسب أن لم يره أحد [ البلد : 6 ، 7 ] . 

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا سريج بن يونس ، حدثنا سيف بن محمد ، ابن أخت سفيان الثوري ، عن ليث بن أبي سليم ، عن عدي بن عدي ، عنالصنابحي ، عن معاذ بن جبل ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تزول قدما العبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ; عن عمره : فيم أفناه ؟ وعن جسده : فيم أبلاه ؟ [ ص: 46 ] وعن علمه : ما عمل فيه ؟ وعن ماله : من أين اكتسبه ؟ وفيم أنفقه ؟ " وقد تقدم عن ابن مسعودنحوه . وروي عن أبي ذر قريب منه ، والله أعلم . 

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا سريج بن يونس ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الغضور بن عتيق ، عن مكحول ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عويمر ، يا أبا الدرداء ، كيف بك إذا قيل لك يوم القيامة : علمت أو جهلت ؟ فإن قلت : علمت . قيل لك : فماذا عملت فيما علمت ؟ وإن قلت : جهلت . قيل : فماذا كان عذرك فيما جهلت ؟ ألا تعلمت " وقد روي من وجه آخر موقوفا " على أبي الدرداء ، رضي الله عنه ، فالله أعلم 
المستدرك على الصحيحين

الفتن والملاحم 

فصل حال الناس عند أخذ الكتاب يوم القيامة
قال الله تعالى : يوم تبيض وجوه وتسود وجوه [ آل عمران : 106 ] . وقال تعالى : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة [ القيامة : 22 - 25 ] . وقال تعالى : وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة [ ص: 48 ] [ عبس : 38 - 42 ] . وقال تعالى : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [ يونس 26 ، 27 ] . 

وقال البزار : حدثنا محمد بن معمر ، ومحمد بن عثمان بن كرامة ، قالا : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن السدي ، عن أبيه ، عنأبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : يوم ندعو كل أناس بإمامهم [ الإسراء : 71 ] . 

قال : " يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه ، ويمد له في جسمه ، ويبيض وجهه ، ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤة تتلألأ ، فينطلق إلى أصحابه ، فيرونه من بعيد ، فيقولون : اللهم ائتنا بهذا ، وبارك لنا في هذا . فيأتيهم ، فيقول : أبشروا ، فإن لكل رجل منكم مثل هذا . وأما الكافر فيسود وجهه ، ويمد له في جسمه ، فيراه أصحابه ، فيقولون : نعوذ بالله من هذا ، ومن شر هذا ، اللهم لا تأتنا به . فيأتيهم ، فيقولون : اللهم أخزه . فيقول : أبعدكم الله ، فإن لكل رجل منكم مثل هذا " . ثم قال : لا نعرفه إلا بهذا الإسناد . 
ورواه ابن أبي الدنيا ، عن العباس بن محمد ، عن عبيد الله بن موسى العبسي ، به . 


 وروى أبو داود من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ، ولا شهداء ، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله " . قالوا : يا رسول الله ، فخبرنا من هم ؟ قال : " هم قوم تحابوا بروح الله سبحانه على غير أرحام بينهم ، ولا أموال يتعاطونها ، فوالله إن لوجوههم لنورا ، وإنهم لعلى كراسي من نور ، لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس " : وقرأ هذه الآية : ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم [ يونس : 62 - 64 ] . 

وروى ابن أبي الدنيا ، عن بعض السلف ، وهو الحسن البصري ، أنه قال : إذا قال الله تعالى للملائكة : خذوه فغلوه [ الحاقة : 30 ] . ابتدره سبعون ألف ملك ، فتسلك السلسلة من فيه ، فتخرج من دبره ، فينظم في السلسلة كما ينظم الخرز في الخيط ، ويغمس في النار غمسة ، فيخرج عظاما ، فتقعقع ، ثم تسجر تلك العظام في النار ، ثم يعاد غضا طريا . 

وقال بعضهم : إذا قال الله : خذوه . ابتدره أكثر من ربيعة ومضر . وعن معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، أنه قال : لا يبقى شيء إلا ذمه ، فيقول : أما [ ص: 50 ] ترحمني ؟ فيقول : كيف أرحمك ، ولم يرحمك أرحم الراحمين ؟! 

- تفسير القرطبي
- تفسير ابن كثير
- تفسير الطبري
- تفسير البغوي
- التحرير والتنوير
- التفسير الكبير المسمى البحر المحيط
- تفسير المنار
- فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية
- التفسير الكبير
----------------
ذكر من يدخل الجنة من هذه الأمة بغير حساب
قال البخاري : حدثنا عمران بن ميسرة ، حدثنا ابن فضيل ، حدثنا حصين ( ح ) وحدثنا أسيد بن زيد ، حدثنا هشيم ، عن حصين ، قال : كنت عندسعيد بن جبير ، فقال : حدثني ابن عباس ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " عرضت علي الأمم ، فأجد النبي يمر معه الأمة ، والنبي يمر معه النفر ، والنبي يمر معه العشرة ، والنبي يمر معه الخمسة ، والنبي يمر وحده ، فنظرت ، فإذا سواد كثير ، قلت : يا جبريل ، هؤلاء أمتي ؟ قال : لا ، ولكن انظر إلى الأفق . فنظرت فإذا سواد كثير ، قال : هؤلاء أمتك ، وهؤلاء سبعون ألفا قدامهم لا حساب عليهم ، ولا عذاب . قلت : ولم ؟ قال : كانوا لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " . فقام إليه عكاشة بن محصن ، فقال : ادع الله أن يجعلني منهم . قال : " اللهم اجعله منهم " . ثم قام إليه رجل آخر ، فقال : ادع الله أن يجعلني منهم . قال : " سبقك بها عكاشة " .

 ورواه مسلم ، عن سعيد بن منصور ، عن هشيم به ، بنحوه ، وهو أطول من هذا . 

ثم أورد البخاري ومسلم أيضا من طريق يونس ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، وقال فيه : ثم قام رجل من الأنصار ، فقال : ادع الله أن يجعلني منهم . فقال : " سبقك بها عكاشة " . 

وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن أبي بكير ، حدثنا زهير بن محمد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " سألت ربي ، عز وجل ، فوعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا على صورة القمر ليلة البدر ، فاستزدت فزادني مع كل ألف سبعين ألفا ، فقلت : أي رب ، إن لم يكن هؤلاء مهاجري أمتي ؟ قال : إذن أكملهم لك من الأعراب " . 

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، أخبرنا إسماعيل ، عن زياد المخزومي ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، أول زمرة من أمتي يدخلون الجنة سبعون ألفا لا حساب عليهم ، صورة كل رجل [ ص: 58 ] منهم على صورة القمر ليلة البدر ، ثم الذين يلونهم على أشد ضوء كوكب في السماء ، ثم هم بعد ذلك منازل " . 

ثم رواه أحمد ، عن حسن ، عن ابن لهيعة ، عن أبي يونس سليم بن جبير ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ما تقدم . 

وكذا رواه أحمد ، عن ابن مهدي ، عن حماد بن سلمة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، وفيه ذكر عكاشة . 

ورواه الطبراني من حديث إسماعيل بن عياش ، عن محمد بن زياد ، عن أبي أمامة ، كما سيأتي . 

حديث آخر : قال البخاري : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا أبو غسان ، قال : حدثني أبو حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا ، أو سبعمائة ألف - شك في أحدهما - متماسكين آخذ بعضهم ببعض ، حتى يدخل أولهم وآخرهم الجنة ، وجوههم على ضوء القمر ليلة البدر " . 

وقد رواه البخاري ومسلم ، عن قتيبة ، عن عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه ، به . 

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا المسعودي ، حدثني بكير بن الأخنس ، عن رجل ، عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيت سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، وجوههم كالقمر ليلة البدر ، وقلوبهم على قلب رجل واحد ، فاستزدت ربي ، عز وجل ، فزادني مع كل واحد سبعين ألفا " . قال أبو بكر ، رضي الله عنه : فرأيت أن ذلك آت على أهل القرى ، ومصيب من حافات البوادي . 

حديث آخر : وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا حماد ، عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري الأمم بالموسم ، فراثت عليه أمته ، قال : " فأريت أمتي ، فأعجبني كثرتهم ، قد ملئوا السهل والجبل ، فقيل لي : إن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، هم الذين لا يكتوون ، ولا يسترقون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " . فقال عكاشة : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فدعا له ، ثم قام - يعني آخر - فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فقال : " سبقك بها عكاشة " . قال الحافظ الضياء : هذا عندي على شرط مسلم . 
طريق أخرى عنه : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، [ ص: 60 ] عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، عن ابن مسعود ، قال : أكثرنا الحديث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، ثم غدونا عليه ، فقال : " عرضت علي الأنبياء الليلة بأممها ، فجعل النبي يمر ومعه الثلاثة ، والنبي ومعه العصابة ، والنبي ومعه النفر ، والنبي ليس معه أحد ، حتى مر علي موسى معه كبكبة من بني إسرائيل ،فأعجبوني ، فقلت : من هؤلاء ؟ فقيل لي : هذا أخوك موسى ، معه بنو إسرائيل . قال : فقلت : فأين أمتي ؟ فقيل لي : انظر عن يمينك . فنظرت ، فإذا الظراب قد سد بوجوه الرجال ، ثم قيل لي : انظر عن يسارك فنظرت فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال ، فقيل لي : أرضيت ؟ فقلت : رضيت يا رب ، رضيت يا رب . فقيل لي : إن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب " . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فدى لكم أبي وأمي ، إن استطعتم أن تكونوا من السبعين ألفا فافعلوا ، فإن قصرتم فكونوا من أهل الظراب ، فإن قصرتم فكونوا من أهل الأفق ، فإني قد رأيت ثم ناسا يتهاوشون " . فقام عكاشة بن محصن ، فقال : ادع الله لي يا رسول الله ، أن يجعلني من السبعين ألفا . فدعا له ، فقام رجل آخر ، فقال : ادع الله لي يا رسول الله أن يجعلني منهم . فقال : " قد سبقك بها عكاشة " . قال : ثم تحدثنا فقلنا : من ترون هؤلاء السبعين الألف ؟ [ ص: 61 ] قوم ولدوا في الإسلام ، لم يشركوا بالله شيئا ، حتى ماتوا ؟ فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " هم الذين لا يكتوون ، ولا يسترقون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " . 

حديث آخر : قال الطبراني : حدثنا محمد بن محمد الجذوعي ، حدثنا عقبة بن مكرم ، حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن عمران بن حصين ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب " . قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : " هم الذين لا يكتوون ، ولا يسترقون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " . 

ورواه مسلم عن يحيى بن خلف ، عن المعتمر بن سليمان ، عن هشام بن حسان ، به ، وعنده ذكر عكاشة ، وليس عنده في هذه الرواية : " يتطيرون " . 
وقال الحافظ الضياء : وقد روي عن عمران من غير طريق . 

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله [ص: 62 ] صلى الله عليه وسلم . فذكر حديثا ، وفيه : " فتنجو أول زمرة ، وجوههم كالقمر ليلة البدر ، سبعون ألفا لا يحاسبون ، ثم الذين يلونهم كأضوأ نجم في السماء ، ثم كذلك " . وذكر بقيته . 

ورواه مسلم ، من حديث روح ، فلم يرفعه . وقد روى البزار عن عمر بن إسماعيل بن مجالد ، عن أبيه ، عن جده ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحو الذي قبله سواء . 


حديث آخر : قال البزار : حدثنا محمد بن مرداس ، حدثنا مبارك ، عن عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " سبعون ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب ، هم الذين لا يكتوون ، ولا يسترقون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " . 


حديث آخر : قال البزار : حدثنا محمد بن عبد الملك ، حدثنا أبو عاصم العباداني ، حدثنا حميد ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا ، مع كل واحد من السبعين ألفا سبعون ألفا " . وهذا يحتمل أن يكون مع كل واحد من الألوف ، ويحتمل أن يكون مع كل واحد من [ ص: 63 ] الآحاد ، وهو أشمل وأكثر . وقد قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس- أو عن النضر بن أنس ، عن أنس - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي أربعمائة ألف " . فقالأبو بكر ، رضي الله عنه : زدنا يا رسول الله . قال : " وهكذا " . وجمع كفيه . فقال : زدنا يا رسول الله . قال : " وهكذا " . فقال عمر : حسبك ياأبا بكر . فقال أبو بكر : دعني يا عمر ، وما عليك أن يدخلنا الله الجنة كلنا ؟! فقال عمر : إن الله إن شاء أدخل خلقه الجنة بكف واحد . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " صدق عمر " . 


طريق أخرى عنه : قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا محمد بن أبي بكر ، حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي ، حدثنا حميد ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا " . قالوا : زدنا يا رسول الله . قال : " لكل رجل سبعون ألفا " . قالوا : زدنا يا رسول الله . وكان على كثيب ، فحثا بيده ، قالوا : زدنا يا رسول الله . فقال : " وهكذا " . وحثا بيده . قالوا : يا نبي الله ، أبعد الله من دخل النار بعد هذا . 

قال الحافظ الضياء : لا أعلمه روي عن أنس إلا بهذا الإسناد . وقد سئل ابن معين عن عبد القاهر ، فقال : صالح . 

حديث آخر غريب : قال الطبراني : حدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسي ، ومحمد بن يحيى بن منده الأصبهاني ، قالا : حدثنا أبو حفص عمرو بن علي ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن أبي بكر بن أنس ، عن أبي بكر بن عمير ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الله وعدني أن يدخل من أمتي ثلاثمائة ألف الجنة " . فقال عمير : يا رسول الله ، زدنا . فقال " وهكذا " . بيده . فقالعمير : يا رسول الله ، زدنا . فقال عمر : حسبك يا عمير . فقال : ما لنا ولك يا ابن الخطاب ، وما عليك أن يدخلنا الله تعالى الجنة ؟ فقال عمر :إن الله تعالى إن شاء أدخل الناس الجنة بحفنة أو بحثية واحدة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدق عمر " . 

قال الحافظ الضياء : لا أعرف لعمير حديثا غيره . 

حديث آخر : قال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا إسماعيل بن عياش ، سمعت محمد بن زياد يحدث عن أبي أمامة الباهلي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ( ح ) وقال الطبراني : حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقي ، والحسين بن إسحاق التستري قالا : حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، أخبرني محمد بن زياد ، قال : سمعت أبا أمامة يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا ، مع كل ألف سبعين ألفا ، لا حساب [ ص: 65 ] عليهم ولا عذاب ، وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل " . واللفظ لابن أبي شيبة ،وليس عند الطبراني : " مع كل ألف سبعين ألفا " . 


طريق أخرى عنه : قال أبو بكر بن أبي عاصم : حدثنا دحيم ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا صفوان بن عمرو ، عن سليم بن عامر ، وأبي اليمان الهوزني ، عن أبي أمامة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب " . قاليزيد بن الأخنس : والله ما أولئك في أمتك يا رسول الله إلا مثل الذباب الأصهب في الذبان . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإن الله قد وعدني سبعين ألفا ، مع كل ألف سبعين ألفا ، وزادني ثلاث حثيات " . 

قال الضياء : رجاله رجال الصحيح إلا الهوزني ، واسمه عامر بن عبد الله بن لحي ، وما علمت فيه جرحا . 


حديث آخر : قال الطبراني : حدثنا أحمد بن خليد ، حدثنا أبو توبة ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن زيد بن سلام ، أنه سمع أبا سلام يقول : حدثنيعامر بن زيد البكالي ، أنه سمع عتبة بن عبد السلمي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ربي وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ، [ ص: 66 ] ثم يشفع كل ألف لسبعين ألفا ، ثم يحثي ربي تعالى بكفيه ثلاث حثيات " فكبر عمر ، وقال : إن السبعين الأولى يشفعهم الله في آبائهم وأبنائهم وعشائرهم ، وأرجو أن يجعلني الله في أحد الحثيات الأواخر . 


قال الحافظ الضياء : لا أعلم بهذا الإسناد علة ، والله أعلم . 

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا هشام - يعني الدستوائي - حدثنا يحيى بن أبي كثير ، عن هلال بن أبي ميمونة ، عنعطاء بن يسار ، أن رفاعة الجهني حدثه ، قال : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالكديد ، أو قال : بقديد . فذكر حديثا فيه : ثم قال : " وعدني ربي ، عز وجل ، أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ، وإني لأرجو أن لا يدخلوها حتى تبوءوا أنتم ، ومن صلح من أزواجكم وذراريكم مساكن في الجنة " .

ورواه يعقوب بن سفيان ، عن آدم بن أبي إياس ، عن شيبان ، عن يحيى بن أبي كثير ، به . قال الحافظ الضياء : هذا عندي على شرط الصحيح ، والله سبحانه أعلم

حديث آخر : قال الطبراني : حدثنا عمرو بن إسحاق بن زبريق [ ص: 67 ] الحمصي ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثني أبي ، عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن ربي وعدني من أمتي سبعين ألفا لا يحاسبون ، مع كل ألف سبعون ألفا

حديث آخر : قال الطبراني : حدثنا أحمد بن خليد ، حدثنا أبو توبة ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن زيد بن سلام ، أنه سمع أبا سلام يقول : حدثنيعبد الله بن عامر ، أن قيسا الكندي حدثه أن أبا سعيد الأنماري حدثه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن ربي ، عز وجل ، وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ، ويشفع كل ألف لسبعين ألفا ، ثم يحثي ربي ثلاث حثيات بكفيه " .

قال قيس : فقلت لأبي سعيد : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، بأذني‌‌‌‌ ، ووعاه قلبي . قال أبو سعيد : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وذلك إن شاء الله يستوعب مهاجري أمتي ، ويوفي الله بقيته من أعرابنا "

قال الطبراني : لم يرو عن أبي سعيد الأنماري إلا بهذا الإسناد ، تفرد به
معاوية بن سلام

وقال الحافظ الضياء : وقد رواه محمد بن سهل بن عسكر ، عن أبي توبة الربيع بن نافع ، بإسناده ، قال أبو سعيد : فحسب ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغ أربعة آلاف ألف ألف وتسعمائة ألف ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ذلك إن شاء الله يستوعب مهاجري أمتي "

حديث آخر : قال البزار : حدثنا محمود بن بكر ، حدثنا أبي ، عن عيسى ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا لا حساب عليهم " . فقام عكاشة فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فقال : " اللهم اجعله منهم " . فقال رجل آخر : ادع الله أن يجعلني منهم . قال : " اللهم اجعله منهم " . فسكت القوم ، ثم قال بعضهم لبعض : لو قلنا : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلنا منهم . قال : " سبقكم بها عكاشة وصاحبه ، أما إنكم لو قلتم لقلت ، ولو قلت لوجبت "

حديث آخر : رواه البيهقي في كتاب " البعث والنشور " ، من حديث [ ص: 69 ] الضحاك بن نبراس ، حدثني ثابت بن أسلم البناني ، عن أبي يزيد المديني ، عن عمرو بن حزم الأنصاري ، قال : تغيب عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ، لا يخرج إلا لصلاة مكتوبة ، ثم يرجع ، فلما كان يوم الرابع خرج إلينا ، فقلنا : يا رسول الله ، احتبست عنا ، حتى ظننا أنه قد حدث حدث ؟ فقال : " إنه لم يحدث إلا خير ، إن ربي عز وجل ، وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ، وإني سألت ربي في هذه الثلاثة الأيام المزيد ، فوجدت ربي واجدا ماجدا كريما ، فأعطاني مع كل واحد من السبعين ألفا سبعين ألفا " . قال : " قلت : يا رب ، وتبلغ أمتي هذا ؟ قال : أكمل لك العدد من الأعراب " . الضحاك هذا قد تكلموا فيه ، وقال النسائي : متروك . وتقدم في أحاديث الحوض من حديث سعيد ، عن حذيفة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل ، وفيه : " وبشرني أن معي سبعين ألفا ، مع كل ألف سبعون ألفا ليس عليهم حساب " . رواه أحمد . 
وذكر ابن الأثير في ترجمة عامر بن عمير ، وكان قد شهد حجة الوداع ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني وجدت ربي ماجدا ، أعطاني سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، مع كل واحد سبعون ألفا . فقلت : إن أمتي لا تبلغ هذا ؟ فقال : أكملهم لك من الأعراب " . قال : رواه ثابت البناني ، عن أبي يزيد المدني عنه 


حديث آخر : قال الطبراني : حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، حدثنا أبي ، حدثني ضمضم بن زرعة ، عنشريح بن عبيد ، عن أبي مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما والذي نفس محمد بيده ليبعثن الله منكم يوم القيامة إلى الجنة مثل الليل الأسود زمرة ، جميعها يخبطون الأرض ، تقول الملائكة : لما جاء مع محمد أكثر مما جاء مع الأنبياء 
المعجم الكبير
- باب الحاء 
مجمع الزاوئد ومنبع الفوائد

- أهل الجنة 

فصل في ذكر الصراط غير ما ذكر آنفا من الأحاديث الصحيحة
ثم ينتهي الناس بعد مفارقتهم مكان الموقف إلى الظلمة التي دون الصراط - وهو جسر على جهنم - كما تقدم عن عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ؟ فقال : " هم في الظلمة دون الجسر " . وفي هذا الموضع يميز المنافقون عن المؤمنين ، ويتخلفون عنهم ، ويسبقهم المؤمنون ، ويحال بينهم وبينهم بسور يمنعهم من الوصول [ ص: 81 ] إليهم ، كما قال تعالى : يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير [ الحديد 12 - 15 ] . وقال تعالى يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير [ التحريم : 8 ] . 

وقال الحافظ أبو الحسن الدارقطني في كتاب " الأفراد " : حدثنا محمد بن مخلد بن حفص ، ومحمد بن أحمد المطيري ، قالا : حدثنا محمد بن حمزة بن زياد الطوسي ، حدثنا أبي ، حدثنا قيس بن الربيع ، عن عبيد المكتب ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جهنم محيطة بالدنيا ، والجنة من ورائها ; ولذلك صار الصراط على جهنم طريقا إلى الجنة " . ثم قال : غريب من حديث مجاهد ، عن ابن عمر ،لم يروه عن عبيد المكتب ، غير قيس ، وتفرد به حمزة بن زياد ، عنه . 

[ ص: 82 ] وقال البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا محمد بن صالح بن هانئ ، والحسن بن يعقوب ، وإبراهيم بن عصمة ، قالوا : حدثناالسري بن خزيمة ، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، حدثنا يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني ، حدثناالمنهال بن عمرو ، عن أبي عبيدة ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : " يجمع الله الناس يوم القيامة فينادي مناد : يا أيها الناس ، ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم وصوركم ورزقكم أن يولي كل إنسان منكم من كان يتولى في الدنيا ؟ قال : فيمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير ، حتى يمثل لهم الشجرة والعود والحجر ، ويبقى أهل الإسلام جثوما ، فيقال لهم : ما لكم لم تنطلقوا ، كما انطلق الناس ؟ فيقولون : إن لنا ربا ما رأيناه بعد . قال : فيقال : فبم تعرفون ربكم إن رأيتموه ؟ قالوا : بيننا وبينه علامة إن رأيناه عرفناه . قيل : وما هي ؟ قالوا : فيكشف عن ساق . قال : فيكشف عند ذلك عن ساق . قال : فيخر من كان يعبده ساجدا ، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر ، يريدون السجود فلا يستطيعون . قال : ثم يؤمرون فيرفعون رءوسهم ، فيعطون نورهم على قدر أعمالهم . قال : فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه ، ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك ، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه ، ومنهم من يعطى نوره دون ذلك بيمينه ، حتى يكون آخر من يعطى نوره على إبهام قدمه ، يضيء مرة ويطفأ مرة ، [ ص: 83 ] إذا أضاء قدم قدمه ، وإذا طفئ قام . قال : فيمرون على الصراط ، والصراط كحد السيف ، دحض مزلة . قال : فيقال لهم : امضوا على قدر نوركم ، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب ، ومنهم من يمر كالطرف ، ومنهم من يمر كالريح ، ومنهم من يمر كشد الرجل ومنهم من يرمل رملا ، فيمرون على قدر أعمالهم ، حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه ، تخر يد وتعلق يد ، وتخر رجل وتعلق رجل وتصيب جوانبه النار . قال : فيخلصون ، فإذا خلصوا قالوا : الحمد لله الذي نجانا منك بعد الذي أراناك ، لقد أعطانا الله ما لم يعط أحدا " . 

قال مسروق : فما بلغ عبد الله هذا المكان من الحديث إلا ضحك ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ، لقد حدثت بهذا الحديث مرارا ، كلما بلغت هذا المكان من هذا الحديث ضحكت ؟! فقال عبد الله : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثه مرارا ، فما بلغ هذا المكان من الحديث إلا ضحك ، حتى تبدو لهواته ، ويبدو آخر ضرس من أضراسه ، لقول الإنسان : أتهزأ بي وأنت رب العالمين ؟ فيقول : لا ، ولكني على ذلك قادر . 

قال البيهقي : هكذا وجدته في كتابي . وقد رواه غيره ، فذكر آخر من يدخل الجنة ، وقوله تعالى له : " يا بن آدم ، أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها ؟ فيقول : أتهزأ بي وأنت رب العالمين ؟ قال ابن مسعود : فيقول الله سبحانه : " لا ، ولكني على ذلك قادر " . 

[ ص: 84 ] وقد أورده البيهقي بعد هذا من حديث حماد بن سلمة ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود ، فذكره موقوفا . 

وقال البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا منصور بن أبي مزاحم ، حدثنا أبو سعيد المؤدب ، عن زياد النميري ، عن أنس بن مالك ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " الصراط كحد الشفرة ، أو كحد السيف ، وإن الملائكة ينجون المؤمنين والمؤمنات ، وإن جبريل ، عليه السلام ، لآخذ بحجزتي ، وإني لأقول : يا رب سلم سلم ، فالزالون ، والزالات يومئذ كثير" . 

وروى البيهقي من حديث سعيد بن زربي ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس ، مرفوعا نحو ما تقدم بأبسط منه ، وإسناده ضعيف ، ولكن يتقوى بما قبله . والله أعلم . 

وقال الثوري : عن حصين ، عن مجاهد ، عن جنادة بن أبي أمية ، قال : إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم ، وسيماكم ، وحلاكم ، ونجواكم ، ومجالسكم ، فإذا كان يوم القيامة قيل : يا فلان ، هذا نورك ، يا فلان ، لا نور لك . وقرأ : يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم [ الحديد : 12 ]وقال الضحاك : [ ص: 85 ] ليس أحد إلا يعطى نورا يوم القيامة ، فإذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين ، فلما رأى ذلك المؤمنون أشفقوا أن يطفأ نورهم ، كما طفئ نور المنافقين ، فقالوا : ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير [ التحريم : 8 ] . 

وقال إسحاق بن بشر أبو حذيفة : حدثنا ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى يدعو الناس يوم القيامة بأسمائهم سترا منه على عباده ، وأما عند الصراط فإن الله يعطي كل مؤمن نورا ، وكل منافق نورا ، فإذا استووا على الصراط سلب الله نور المنافقين والمنافقات ، فقال المنافقون والمنافقات للمؤمنين : انظرونا نقتبس من نوركم [ الحديد : 13 ] . وقال المؤمنون : ربنا أتمم لنا نورنا [ التحريم : 18 ] . فلا يذكر عند ذلك أحد أحدا " . 

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، أخبرنا عمي ، أنبأنا يزيد بن أبي حبيب ، عن سعد بن مسعود ، أنه سمع عبد الرحمن بن جبير ، يحدث أنه سمع أبا الدرداء ، وأبا ذر يخبران عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنا [ ص: 86 ] أول من يؤذن له في السجود يوم القيامة ، وأول من يؤذن له برفع رأسه ، فأنظر بين يدي ، ومن خلفي ، وعن يميني ، وعن شمالي ، فأعرف أمتي من بين الأمم " . فقال له رجل : يا رسول الله ، كيف تعرف أمتك من بين الأمم ما بين نوح إلى أمتك ؟ قال : " أعرفهم ، محجلون من أثر الوضوء ، ولا يكون لأحد من الأمم غيرهم ، وأعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم ، وأعرفهم بسيماهم ووجوههم ، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم وذريتهم " . 

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبدة بن سليمان ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا صفوان بن عمرو ، وحدثني سليم بن عامر ، قال : خرجنا على جنازة في باب دمشق ، ومعنا أبو أمامة الباهلي ، فلما صلي على الجنازة ، وأخذوا في دفنها ، قال أبو أمامة : أيها الناس ، إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل ، تقتسمون فيه الحسنات والسيئات ، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر ، وهو هذا - يشير إلى القبر - بيت الوحدة ، وبيت الظلمة ، وبيت الدود ، وبيت الضيق ، إلا ما وسع الله سبحانه ، ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة ، فإنكم لفي بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر من أمر الله ، فتبيض وجوه ، وتسود وجوه ، ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر ، فيغشى الناس ظلمة شديدة ، ثم يقسم النور ، فيعطى المؤمن نورا ، ويترك الكافر والمنافق ، فلا يعطيان شيئا ، وهو المثل الذي ضربه الله تعالى في كتابه : ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور[ النور : 40 ] ولا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن ، كما لا يستضيء الأعمى [ ص: 87 ] ببصر البصير ، ويقول المنافقون للذين آمنواانظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا [ الحديد : 13 ] وهى خدعة الله ، سبحانه ، التي خدع بها المنافقين ، حيث قال تعالى : يخادعون الله وهو خادعهم [ النساء : 142 ] ، فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور ، فلا يجدون شيئا ، فينصرفون إليهم ، وقد ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب [ الحديد : 13 ] الآية . يقول سليم بن عامر : فما يزال المنافق مغترا حتى يقسم النور ، ويميز الله بين المؤمن والمنافق . 

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن عثمان ، حدثنا أبو حيوة ، حدثنا أرطاة بن المنذر ، حدثنا يوسف بن الحجاج ، عن أبي أمامة ، قال : تبعث ظلمة يوم القيامة ، فما من مؤمن ، ولا كافر ، يرى كفه حتى يبعث الله بالنور إلى المؤمنين على قدر أعمالهم ، فيتبعهم المنافقون ، فيقولون : انظرونا نقتبس من نوركم . 

وقال الحسن وقتادة ، في قوله تعالى : فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب [ الحديد : 13 ] . قالا : هو حائط بين الجنة والنار . وقال ابن أسلم " هو الذي قال الله تعالى : وبينهما حجاب [ الأعراف : 46 ] . وهذا هو الصحيح ، وما روي عن عبد الله بن عمرو ، وكعب [ ص: 88 ] الأحبار ، عن كتب الإسرائيلين ، أنه سور بيت المقدس . فضعيف جدا ، فإن كان أراد المتكلم بهذا ضرب مثال ، وتقريب المغيب بالمشاهد ، فقريب ، ولعله مرادهما . والله أعلم . 

وقال ابن أبي الدنيا : حدثني الربيع بن ثعلب ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن مطعم بن المقدام الصنعاني وغيره ، عن محمد بن واسع قال : كتبأبو الدرداء إلى سلمان : يا أخي ، إياك أن تجمع من الدنيا ما لا تؤدي شكره ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يجاء بصاحب الدنيا الذي أطاع الله عز وجل ، فيها ، وماله بين يديه كلما تكفأ به الصراط قال له ماله : امض ، فقد أديت حق الله تعالى في " . قال : " ثم يجاء بصاحب الدنيا الذي لم يطع الله فيها ، وماله بين كتفيه كلما تكفأ به الصراط ، قال له ماله : ألا أديت حق الله تعالى في ؟ فلا يزال كذلك حتى يدعو بالويل والثبور " . 

وعن عبيد بن عمير أنه كان يقول : أيها الناس ، إنه جسر مجسور ، أعلاه دحض مزلة ، مر الأول فنجا ، ومر الآخر ، فناج ومخدوش ، والملائكة على جنبات الجسر يقولون : رب سلم سلم . قال : وإن الصراط مثل السيف ، على [ ص: 89 ] جسر جهنم ، وإن عليه كلاليب وحسكا ، والذي نفسي بيده ، إن تلك الكلاليب والحسك لأعرف بالمارين عليها ومن تأخذه منهم ومن تخدشه ، من الرجل بصاحبه وصديقه ، والذي نفسي بيده ، إنه ليؤخذ بالكلوب الواحد أكثر من ربيعة ومضر . رواه ابن أبي الدنيا . 

وعن سعيد بن أبي هلال ، قال : بلغنا أن الصراط يوم القيامة ، وهو الجسر ، يكون على بعض الناس أدق من الشعر ، وبعض الناس مثل الوادي الواسع . رواه ابن أبي الدنيا ، وهذا الكلام صحيح إن شاء الله . 

وقال غيره : بلغني أن الصراط إنما يراه أدق من الشعر ، وأحد من السيف الهالك الذي ليس بناج ، ويكون على بعض الناس أوسع من القاع والميدان المتسع ، يمضي عليه كيف شاء . وقال ابن أبي الدنيا أيضا : حدثنا الخليل بن عمرو ، حدثنا ابن السماك ، الواعظ الزاهد ، قال : بلغني أن الصراط ثلاثة آلاف سنة ؟ ألف سنة يصعد الناس عليه ، وألف يستوي الناس على ظهره ، وألف سنة يهبط الناس . 
وقال آخر : من وسع على نفسه الصراط في الدنيا ، ضاق عليه صراط الآخرة ، ومن ضيق على نفسه الصراط في الدنيا ، اتسع له الصراط في الآخرة . 

وقال أيضا : حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا شريك ، عن أبي قتادة ، عن [ ص: 90 ] سالم بن أبي الجعد ، قال : إن لجهنم ثلاث قناطر ; قنطرة عليها الأمانة ، وقنطرة عليها الرحم ، وقنطرة الله عليها ، وهى المرصاد ، فمن نجا من هاتين لم ينج من هذه . ثم قرأ : إن ربك لبالمرصاد [الفجر : 14 ] . 

وقال عبيد الله بن العيزار : يمد الصراط يوم القيامة بين الأمانة والرحم ، وينادي مناد : ألا من أدى الأمانة ، ووصل الرحم فليمض آمنا غير خائف . رواه ابن أبي الدنيا . 

وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة الفضيل بن عياض قال : بلغني أن الصراط مسيرة خمسة عشر ألف سنة ، خمسة آلاف صعود ، وخمسة آلاف استواء على ظهره ، وخمسة نزول ، وهو أدق من الشعر ، وأحد من السيف ، على متن جهنم ، لا يجوزه إلا كل ضامر مهزول من خشية الله ، سبحانه . ثم يبكي الفضيل ، رحمه الله . 

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا محمد بن إدريس ، حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن أخيه زيد بن سلام ، أنه سمعأبا سلام ، حدثني عبد الرحمن ، حدثني رجل من كندة ، قال : دخلت على عائشة ، وبيني وبينها حجاب ، فقلت : إن في نفسي حاجة لم أجد أحدا يشفيني منها . فقالت : ممن أنت ؟ قلت : من كندة . قالت : من أي الأجناد أنت ؟ قلت : من أهل حمص . قالت : ماذا حاجتك ؟ قلت : أحدثك رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تأتي عليه [ ص: 91 ] ساعة يوم القيامة لا يملك لأحد فيها شفاعة ؟ قالت : نعم ، لقد سألته عن هذا ، وأنا وهو في شعار واحد ، فقال : " نعم ، حين يوضع الصراط لا أملك لأحد شيئا حتى أعلم أين يسلك بي ، وحين تبيض وجوه وتسود وجوه ، حتى أنظر ما يفعل بي ، وعند الجسر حتى يستحد ويستحر " . قلت : وما يستحد ويستحر ؟ قال : " يستحد حتى يكون مثل شفرة السيف ، ويستحر حتى يكون مثل الجمرة ، فأما المؤمن فيجيز لا يضره ، وأما المنافق فيتعلق حتى إذا بلغ أوسطه حز في قدميه ، فيهوي بيديه إلى قدميه " ، قال : " هل رأيت من يسعى حافيا فتأخذه شوكة حتى تكاد تنفذ قدميه ؟ فإنه كذلك يهوي بيديه ورأسه إلى قدميه ، فتضربه الزبانية بخطاف في ناصيته وقدميه ، فيقذف به في جهنم يهوي فيها مقدار خمسين عاما " . فقلت : ما يثقل الرجل ! قالت : بل يثقل ثقل عشر خلفات سمان ، فيومئذ يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام [ الرحمن : 41 ] ، غريب 




فصل في كيفية الحشر



( كيفية الحشر ) 



قال الله تعالى : يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا [ مريم : 85 ، 86 ] . ورد في حديث سيأتي أنهم يؤتون بنجائب من الجنة يركبونها ، وأنهم يؤتون بها عند قيامهم من قبورهم . وفي صحته نظر ، إذ قد تقدم في الحديث أن الناس كلهم يحشرون مشاة حفاة عراة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحشر راكبا وحده ناقة حمراء ، وبلال ينادي بالأذان بين يديه ، فإذا قال : أشهد أن محمدا رسول الله . صدقه الأولون والآخرون . 


فإذا كان هذا من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنما يكون إتيانهم بالنجائب بعد جواز الصراط ، وهو الأشبه ، والله أعلم . 

وقد روي في حديث الصور أن المتقين يضرب لهم حياض يردونها بعد مجاوزة الصراط ، وأنهم إذا وصلوا إلى باب الجنة ، يستشفعون بآدم ، ثمبنوح ، ثم بإبراهيم ، ثم بموسى ، ثم بعيسى ، ثم بمحمد ، صلى الله عليهم جميعا [ ص: 103 ] وسلم ، فيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يشفع لهم في دخول الجنة ، والله أعلم ، كما ثبت في " صحيح مسلم " من حديث أبي النضر هاشم بن القاسم ، ورواه أحمد عنه ، عنسليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح ، فيقول الخازن : من أنت ؟ فأقول : محمد . فيقول : بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك " . 

وقال مسلم : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، حدثنا معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن المختار بن فلفل ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة ، وأنا أول من يقرع باب الجنة " . 

وفي " صحيح مسلم " : " يجمع الله تعالى الناس ، فيقوم المؤمنون ، حين تزلف لهم الجنة ، فيأتون آدم فيقولون : يا أبانا ، استفتح لنا الجنة . فيقول : وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم ، لست بصاحب ذلك " . وذكر تمام الحديث كما تقدم " ، وهو شاهد قوي لما ذكر في حديث الصور من ذهاب الناس إلى الأنبياء مرة ثانية يستشفعون إلى الله بهم في دخولهم الجنة ، فتنحصر القسمة أيضا ويتعين لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما تعين للشفاعة الأولى العظمى في الفصل بين الخلائق ، كما تقدم . 

[ ص: 104 ] وقال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا سويد بن سعيد ، أنا علي بن مسهر ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، حدثنا النعمان بن سعد ،قال : كنا جلوسا عند علي ، فقرأ هذه الآية : يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا [ مريم : 85 ] . قال : لا والله ، ما على أرجلهم يحشرون ، ولا يحشر الوفد على أرجلهم ، ولكن بنوق لم ير الخلائق مثلها ، عليها رحائل من ذهب ، فيركبون عليها ، حتى يضربوا أبواب الجنة . 

ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم ، من حديث عبد الرحمن بن إسحاق ، وزاد : عليها رحائل من ذهب ، وأزمتها الزبرجد . والباقي مثله . 

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، حدثنا مسلمة بن جعفر البجلي ، سمعت أبا معاذ البصري ، قال : كانعلي بن أبي طالب يوما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علي هذه الآية : يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا . فقال : ما أظن الوفد إلا الركب يا رسول الله . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ، إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون - أو يؤتون - بنوق بيض لها أجنحة وعليها رحال الذهب ، شراك نعالهم نور يتلألأ ، كل خطوة منها مد البصر ، فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان ، فيشربون من إحداهما ، فتغسل ما في بطونهم من دنس ، ويغتسلون من الأخرى ، فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها أبدا ، وتجري عليهم نضرة النعيم ، فينتهون - أو قال : يأتون - باب الجنة ، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء ، على [ ص: 105 ] صفائح الذهب ، فيضربون بالحلقة على الصفيحة ، فيسمع لها طنين يا علي ، لم يسمع الخلائق مثله ، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل ، فتبعث قيمها فيفتح له ، فإذا رآه خر له - قال مسلمة : أراه قال : ساجدا - فيقول : ارفع رأسك ، إنما أنا قيمك ، وكلت بأمرك . فيتبعه ويقفو أثره ، فتستخف الحوراء العجلة ، فتخرج من خيام الدر والياقوت ، حتى تعتنقه ، ثم تقول : أنت حبي وأنا حبك ، وأنا الخالدة التي لا أموت ، وأنا الناعمة التي لا أبأس ، وأنا الراضية التي لا أسخط ، وأنا المقيمة التي لا أظعن . فيدخل بيتا من أسه إلى سقفه مائة ألف ذراع ، بني على جندل اللؤلؤ والياقوت ، طرائق حمر وخضر وصفر ، ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها ، وفي البيت سبعون سريرا ، على كل سرير سبعون حشية ، على كل حشية سبعون زوجة ، على كل زوجة سبعون حلة ، يرى مخ ساقها من وراء الحلل ، يقضي جماعهن في مقدار ليلة من لياليكم هذه ، الأنهار من تحتهم تطرد ، أنهار من ماء غير آسن - قال : صاف لا كدر فيه - وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، لم يخرج من ضروع الماشية ، وأنهار من خمر لذة للشاريين ، لم تعصرها الرجال بأقدامها ، وأنهار من عسل مصفى ، لم يخرج من بطون النحل ، فيستحلي الثمار ، فإن شاء أكل قائما ، وإن شاء قاعدا ، وإن شاء متكئا " . ثم تلا : "ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا [ الإنسان : 14 ] . فيشتهي الطعام ، فيأتيه طير أبيض - قال : وربما قال : أخضر - فترفع أجنحتها ، فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء ، ثم تطير فتذهب ، فيدخل الملك ، فيقول : سلام عليكم ، تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون . ولو أن شعرة من شعر الحوراء وقعت إلى الأرض لأضاءت الأرض منها ، ولكانت الشمس معها سوادا [ ص: 106 ] في نور " 

. وقد رويناه في " الجعديات " من كلام علي بن أبي طالب موقوفا عليه ، وهو أشبه بالصحة ، والله سبحانه أعلم ، فقال أبو القاسم البغوي : حدثناعلي بن الجعد ، أخبرنا زهير ، عن أبي إسحاق ، عن عاصم ، عن علي ، قال : ذكر النار فعظم أمرها ، ذكرا لا أحفظه . قال : وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين [ الزمر : 73 ] . حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان تجريان ، فعمدوا إلى إحداهما ، كأنما أمروا بها ، فشربوا منها ، فأذهبت ما في بطونهم من قذى أو أذى أو بأس ، ثم عمدوا إلى الأخرى ، فتطهروا منها ، فجرت عليهم نضرة النعيم ، ولم تغبر أشعارهم بعدها أبدا ، ولا تشعث رءوسهم ، كأنما دهنوا بالدهان ، ثم انتهوا إلى الجنة ، فقالوا : سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ثم تلقاهم الولدان فيطيفون بهم ، كما يطيف ولدان أهل الدنيا بالحميم يقدم عليهم ، يقولون : أبشروا بما أعد الله لكم من الكرامة . ثم ينطلق غلام من أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين ، فيقول : جاء فلان . باسمه الذي كان يدعى به في الدنيا . قالت : أما رأيته ؟ قال : نعم أنا رأيته ، وهو بإثري . فيستخف إحداهن الفرح ، حتى تقوم على أسكفة بابها ، فإذا انتهى إلى منزله نظر إلى أساس بنيانه ، فإذا جندل اللؤلؤ فوقه صرح أحمر وأخضر وأصفر من كل لون ، ثم [ ص: 107 ] رفع رأسه ، فنظر إلى سقفه ، فإذا مثل البرق ، ولولا أن الله قدر أن لا يذهب بصره لألم أن يذهب ببصره ، ثم طأطأ رأسه ، فإذا أزواجه ، وأكواب موضوعة ، ونمارق مصفوفة ، وزرابي مبثوثة ، ثم اتكئوا ، فقالوا : الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله . ثم ينادي مناد : تحيون فلا تموتون أبدا ، وتقيمون فلا تظعنون أبدا ، وتصحون فلا تمرضون أبدا . 

وهذا الأثر يقتضي أن تغيير الشكل من الحال الذي كان الناس عليه في الدنيا إلى طول ستين ذراعا ، وعرض سبعة أذرع ، كما هي صفة كل من دخل الجنة من صغير وكبير ، كما ورد به الحديث ، يكون عند هاتين العينين اللتين يغتسلون من إحداهما ، فتجري عليهم نضرة النعيم ويشربون من الأخرى فتغسل ما في بطونهم من الأذى ، فيتجدد لهم الطول والعرض ، وذهاب الأذى ، وجريان نضرة النعيم بعد الغسل والشرب . وهذا أنسب وأقرب مما جاء في الحديث المتقدم ، أن ذلك يكون في عرصات القيامة ، وهو ضعيف الإسناد ، وأبعد من هذا من زعم أن ذلك يكون عند الخروج من القبور ; لما يعارضه من الأدلة الدالة على خلاف ذلك ، والله أعلم . 

وقال عبد الله بن المبارك : أخبرنا سليمان بن المغيرة ، عن حميد بن هلال قال : ذكر لنا أن الرجل إذا دخل الجنة صور صورة أهل الجنة ، وألبس لباسهم ، وحلي حليتهم ، وأري أزواجه وخدمه ، يأخذه سوار فرح ، لو كان ينبغي له أن يموت لمات من شدة سوار فرحه ، فيقال له : أرأيت سوارفرحك هذا ، فإنه قائم [ ص: 108 ] لك ، وباق أبدا . 

وقال ابن المبارك : أخبرنا رشدين بن سعد ، عن زهرة بن معبد القرشي ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال : إن العبد أول ما يدخل الجنة يتلقاه سبعون ألف خادم ، كأنهم اللؤلؤ . 

قال ابن المبارك : أخبرنا يحيى بن أيوب ، حدثني عبيد الله بن زحر ، عن محمد بن أيوب ، عن أبي عبد الرحمن المعافري ، قال : إنه ليصف للرجل من أهل الجنة سماطان ، لا يرى طرفاهما من غلمانه ، حتى إذا مر مشوا وراءه . 

وروى أبو نعيم ، عن سلمة ، عن الضحاك بن مزاحم ، قال : إذا دخل المؤمن الجنة دخل أمامه ملك ، فيأخذ به في سككها ، فيقول له : انظر ، ما ترى ؟ قال : أرى أكثر قصور رأيتها من ذهب وفضة ، وأكثر أنيس . فيقول الملك : إن هذا أجمع لك . حتى إذا دفع لهم استقبلوه من كل باب ومن كل مكان : نحن لك . ثم يقول : امش . فيقول : ماذا ترى ؟ فيقول : أكثر عساكر رأيتها من خيام ، وأكثر أنيس . فيقول : إن هذا أجمع لك . فإذا دفع لهم استقبلوه : نحن لك . 

[ ص: 109 ] وقال أحمد بن أبي الحواري ، عن أبي سليمان الداراني ، أنه قال في قوله تعالى : وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا [ الإنسان : 20 ] ، قال : الملك الكبير أن الملك يأتي إلى ولي الله بالتحفة من عند الله سبحانه ، فلا يصل إليه إلا بإذن بعد إذن ، يقول الملك لحاجبه : استأذن لي على ولي الله . فيعلم ذلك الحاجب حاجبا آخر ، وحاجبا بعد حاجب ، ومن دار إلى دار حتى ينتهي إلى ولي الله ، عز وجل ، بما أمر به ، ومن داره إلى دار السلام باب يدخل منه الولي على ربه ، متى شاء بلا إذن ، ورسول رب العزة لا يدخل عليه إلا بإذن . 

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا مهدي بن ميمون ، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، عن بشير بن شغاف قال : كنا جلوسا إلى عبد الله بن سلام ، فقال : إن أكرم خليقة على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ، وإن الجنة في السماء ، وإن النار في الأرض ، فإذا كان يوم القيامة بعث الله الخليقة أمة أمة ، ونبيا نبيا ، ثم يوضع جسر على جهنم ، ثم ينادي مناد : أين أحمد وأمته ؟ فيقوم وتتبعه أمته ، برها وفاجرها ، فيأخذون على الجسر ، ويطمس الله تعالى أبصار أعدائه ، فيتهافتون فيها من شمال ويمين ، وينجو النبي صلى الله عليه وسلم والصالحون معه ، وتتلقاهم الملائكة ، ويبوئونهم منازلهم من الجنة ، على يمينك ، على يسارك ، حتى ينتهي إلى ربه ، فيلقى له كرسي على يمين الله عز وجل ، ثم ينادي المنادي : أين عيسى وأمته ؟ فذكر نحو ما تقدم إلى أن قال : فيلقى له كرسي من [ ص: 110 ] الجانب الآخر ، ثم يتبعهم الأنبياء والأمم ، حتى يكون آخرهم نوح ، عليه السلام . وهذا موقوف على ابن سلام ، رضي الله عنه . 

وتقدم في حديث سلمان الفارسي الذي رواه ابن أبي الدنيا عن أبي نصر التمار ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أبي عثمان النهدي ،عن سلمان ، قال : يوضع الصراط يوم القيامة ، وله حد كحد الموسى ، فتقول الملائكة : ربنا ، من يطيق أن يجوز على هذا ؟ فيقول الله عز وجل : " من شئت من خلقي " . فيقولون : ربنا ما عبدناك حق عبادتك 



بقية الروابط:
كتاب صفة النار وما فيها من العذاب الأليم

كتاب صفة النار - أجارنا الله منها - وما فيها من العذاب الأليم
الآيات التي وردت في صفة النار ذكر جهنم وشدة سوادها أجارنا الله منها
ذكر بعد قعر جهنم واتساعها وضخامة أهلها ذكر تعظيم خلقهم في النار
ذكر أن البحر يسجر يوم القيامة ويكون من جملة جهنم ذكر أبواب جهنم وصفة خزنتها وزبانيتها
ذكر سرادق النار وهو سورها المحيط بها وما فيها من المقامع والأغلال والسلاسل والأنكال ذكر طعام أهل النار وشرابهم
ذكر أماكن في النار وردت بأسمائها الأحاديث وبيان صحيح ذلك وسقيمه سجن في جهنم يقال له بولس
جب الحزن جب الفلق
ذكر وادي لملم ذكر نهر فيها هو منها بمنزلة نهر القلوط من أنهار الدنيا
ذكر واد أو بئر فيها يقال له هبهب ذكر ويل وصعود
ذكر حياتها وعقاربها فصل في دركات جهنم
ذكر بكاء أهل النار فيها أحاديث شتى في صفة النار وأهلها
أثر غريب وسياق عجيب في وصف جهنم أثر آخر من أغرب الآثار عن كعب الأحبار في جهنم
ذكر الأحاديث الواردة في شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وبيان أنواعها وتعدادها شفاعة المؤمنين لأهاليهم
فصل في أصحاب الأعراف ذكر آخر من يخرج من النار
فصل في آخر من يدخل الجنة فصل في خلود الكافرين في النار



قال الله تعالى : فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين [ البقرة : 24 ] . وقال تعالى : فما أصبرهم على النار [ البقرة : 175 ] وقال تعالى : إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين [ آل عمران : 91 ] وقال تعالى ؟ إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب [ النساء : 56 ] . وقال تعالى : إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا [ النساء : 168 ، 169 ] . وقال تعالى : إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم [ المائدة : 36 ، 37 ] . وقال تعالى : قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار [ الأعراف : 38 ] . وقال تعالى : [ ص: 116 ] قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون [ التوبة : 81 ] ، وقال تعالى : فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق [ هود : 106 ] . وقال تعالى : مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا [ الإسراء : 97 ] . وقال تعالى : فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد الآيات [ الحج : 19 - 21 ] . وقال تعالى : ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون الآيات [ المؤمنون : 103 ، 104 ] . وقال تعالى : وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا الآيات [ الفرقان : 11 ] ، وقال تعالى : وبرزت الجحيم للغاوين الآيات [ الشعراء : 91 ] . وقال تعالى : وأما الذين فسقوا فمأواهم النار الآية [ السجدة : 20 ] . يوم تقلب وجوههم في النار الآية [ الأحزاب : 66 ] وقال تعالى : والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها الآيات [ فاطر : 36 ] قال تعالى : هذه جهنم التي كنتم توعدون اصلوها اليوم بما كنتم تكفرونالآيات [ يس : 63 ، 64 ] . وقال تعالى : احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم الآيات [ الصافات : 22 ، 23 ] . وقال تعالى : هذا وإن للطاغين لشر مآب جهنم يصلونها فبئس المهاد الآيات إلى قوله إن ذلك لحق تخاصم أهل النار [ص : 55 - 64 ] . وقال تعالى : وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا إلى قوله : فبئس مثوى المتكبرين [ الزمر : 71 ، 72 ] . وقال : وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [ الآيات إلى قوله تعالى : [ ص: 117 ]ولهم اللعنة ولهم سوء الدار [ غافر : 45 - 52 ] . وقال تعالى : إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرونالآيات [ غافر : 71 ، 72 ] . وقال تعالى : فإن يصبروا فالنار مثوى لهم الآيات إلى قوله تعالى : ليكونا من الأسفلين [ فصلت : 24 - 29 ] . وقال تعالى : إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون [ الزخرف : 74 ] . وقال تعالى : خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم [ الدخان : 147 ] . وقال تعالى : كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم [ محمد : 15 ] . وقال تعالى : يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد [ق : 30 ] . وقال تعالى : يوم يدعون إلى نار جهنم دعا [ الطور : 13 ] ، وقال تعالى : مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير [ الحديد : 15 ] . وقال تعالى : يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد الآية [ التحريم : 6 ] وقال تعالى : يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير [ التحريم : 9 ] وقال تعالى : وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير الآيات [ الملك : 6 ] . وقال تعالى : سأصليه سقر إلى قوله : وما هي إلا ذكرى للبشر [ المدثر : 26 - 31 ] ، وقال تعالى : إن جهنم كانت مرصادا الآيات إلى قوله : فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا [ النبأ : 21 - 30 ] . وقال تعالى : فأنذرتكم نارا تلظى الآيات [ الليل : 14 ] . وقال تعالى : والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة عليهم نار مؤصدة [ البلد : 19 ، 20 ] . وقال تعالى : ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة [ ص: 118 ] إلى آخر السورة [ الهمزة : 1 - 7 ] . 



وقال ابن المبارك ، عن خالد بن أبي عمران بسنده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن النار تأكل أهلها ، حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت ، ثم يعود كما كان ، ثم تستقبله أيضا ، فتأكله حتى تطلع على فؤاده ، فهو كذلك أبدا ، فذلك قوله : نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة [الهمزة : 6 ، 7 ] . 



وقد تركنا إيراد آيات كثيرة خوف الإطالة ، وفيما ذكرنا إرشاد لما تركنا ، وبالله المستعان ، وستأتي الأحاديث الواردة في صفة جهنم - أجارنا الله منها آمين - مرتبة على ترتيب حسن ، وبالله التوفيق . 

وقال ابن المبارك : أنبأنا معمر ، عن محمد بن المنكدر ، قال : لما خلقت النار فزعت الملائكة ، وطارت أفئدتها ، فلما خلق آدم سكن ذلك عنهم ، وذهب ما كانوا يجدون . 

وقال ابن المبارك : أنبأنا محمد بن مطرف ، عن الثقة ، أن فتى من الأنصار دخلته خشية من النار ، فكان يبكي عند ذكر النار ، حتى حبسه ذلك في البيت ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فجاءه في البيت ، فلما دخل نبي الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 119 ] اعتنقه الفتى ، وخر ميتا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جهزوا صاحبكم ، فإن الفرق من النار فلذ كبده " . 

قال القرطبي : وروي أن عيسى عليه السلام مر بأربعة آلاف امرأة متغيرات الألوان ، وعليهن مدارع الشعر والصوف ، فقال عيسى : ما الذي غير ألوانكن معاشر النسوة ؟ قلن : ذكر النار غير ألواننا يا ابن مريم ، إن من دخل النار لا يذوق فيها بردا ولا شرابا . ذكره الخرائطي في كتاب " القبور " . 

وروي أن سلمان الفارسي لما سمع قوله تعالى : وإن جهنم لموعدهم أجمعين [ الحجر : 43 ] . فر ثلاثة أيام هاربا من الخوف ، لا يعقل ، فجيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أنزلت هذه الآية وإن جهنم لموعدهم أجمعين فوالذي بعثك بالحق لقد قطعت قلبي . فأنزل الله تعالى : إن المتقين في جنات وعيون الآية [ الحجر : 45 ] . ذكره الثعلبي 
----------------------------------
















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

.............