مدونة في وداع الله يا امي/يا الله /جاري جاري / مدونات لا شرك لا شرك /قانون الحق الالهي/نوتة الصلاة //في وداع الله يااماي/تعلم التفوق بالثانوية /السيرة النبوية /الفهرست/اللهم ارحم ابي وامي /المضبطة /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا/حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين/قانون الحق الالهي اا./قانون الحق الالهي/قانون العدل الالهي/قانون ثبات سنة الله في الخلق/كتاب الفتن علامات الساعة ويوم القيامة /مدونات لا شين/مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها /وصف الحور العين /مامي 27/المدونة التعليمية المساعدة/مدونة الاميرة اسماء صلاح التعليمية/أمي الحنون الغالية/الكشكول الأبيض2ثانوي/الأم)منهج الصف الثاني الثانوي علمي رياضة وعلوم /ثانوي {الحاسب الآلي - والمواطنة} /ثاني ثانوي لغة عربية /أمي الحنون الغالية /احياء ثاني ثانوي ترم أول /الأمراض الخطرة والوقاية منها /البداية والنهاية للحافظ بن كثبر /التاريخ 2ث /التجويد //الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث //الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي //الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانوي //الخلاصة الحثيثة في الفيزياء //الديوان الشامل لاحكام الطلاق //السيرة النبوية //الطلاق المختلف عليه//الفيزياء الثالث الثانوي روابط //اللغة الفرنسية 2ثانوي //الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول//المنهج في الطلاق //النخبة في مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 //النخبة في شرعة الطلاق //الهندسة بأفرعها //بيت المعرفة العامة //ترم ثاني ثاني ثانوي علمي ورياضة وادبي.. //تفوق وانطلق للعلا //ثالثة ثانوي مدونة//ثاني ثانوي ترم اول وثاني الماني //روابط المواقع التعليمية //روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام//رياضيات بحتة وتطبيقية تاني ثانوي ترم ثاني //عبد الواحد ترم أول2ثانوي //عبدالواحد ثاني ثانوي ترم1و2.//علم المناعة //فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث ترم اول//فيزياء ثاني ثانوي ترم أول //فيزياء ثاني ثانوي ترم ثاني //كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري //كتاب الزكاة //كتب ثاني ثانوي ترم1و2 //كشكول //كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثاني //كيمياء ثاني ثانوي ترم أول //لغة انجليزية2ث.ترم أول //مدونة الأميرة الصغيرة//أسماء صلاح التعليمية 3ث //مدونة الإختصارات //مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة/الطلاق7/5هـ//مدونة اللغة الإيطالية //مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية //مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني//مكتبة روابط ثاني ثانوي ترم اول //منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام //ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول //نهاية البداية

الاثنين، 12 يوليو 2021

الجنة في الإسلام

 

الجنة في الإسلام   

. الجنة في الإسلام هي المكان الذي أعده الله لعباده الصالحين بعد الموت والبعث والحساب مكافأة لهم، وهي من الأمور الغيبية أي أن وسيلة العلم بها هي القرآن والسنة النبوية فقط. والإيمان بالجنة ووجودها هو جزء من الإيمان باليوم الآخر الذي هو أحد أركان الإيمان الستة في الإسلام. ويؤمن المسلمون بأن الجنة دار نعيم لا يشوبه نقص ولا يعكر صفوه كدر، ولا يُمكن أن يتصور العقل هذا النعيم. فقد قال الله في الحديث القدسي: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاقرؤوا إن شئتم: Ra bracket.png فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ Aya-17.png La bracket.png[الآية 1]».[1].

ويؤمن المسلمون بأنها أعدت للمؤمنين الموحدين ذوي الأعمال الصالحة، وأنه من كان موحدٌ ذو أعمال فاسدة فإنه يُعذّب في النار ثم يدخلها، وأنه من أشرك أو كفر بالله فإنها محرمة عليه، ويؤمنون بأنها مليئة بالعيون والأنهار والأشجار والثمار وكل ما ينعم به الإنسان، وأنهم يدخلونها في أكمل صورة وينعمون بأكمل نعيم، ويؤمنون بأنها درجات متفاوتة حسب أعمالهم الصالحة. ويكون خازنها هو رضوان.

ويؤمن المسلمون أنه لن يدخل الجنة أحد بعمله، إلا برحمة الله وفضله، فهي ليست ثمنًا للعمل، وإنما يكون العمل سببًا لدخولها. قال النبي: «"لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ". قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا، وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَة»[2]

وثبت عن النبي محمد أن الجنة تتحدث، وقد تحاجت مع النار: «تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: فَمَا لِيَ لا يَدْخُلُنِي إِلا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَغِرَّتُهُمْ، فَقَالَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ: إِنَّمَا أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ فَلا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رِجْلَهُ، فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلا يَظْلِمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا.»[3]

تعريف وبيان

الجنة في الإسلام هي الجزاء العظيم والثواب الجزيل، الذي أعده الله لأوليائه وأهل طاعته، وهي نعيم كامل لا يشوبه نقص، ولا يعكر صفوه كدر. وهو نعيم لا يمكن تصور عظمته ويعجز العقل عن إدراكه واستيعابه.[4] وللجنة عدة أسماء ذُكرت في النصوص الشرعية، منها:

  • دار السلام، / لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ Aya-127.png La bracket.png[الآية 2]
  • جنات عدن، / وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ Aya-72.png La bracket.png[الآية 3]
  • جنات النعيم، / إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ Aya-9.png }[الآية 4]
  • دار المتقين، / وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ Aya-30.png La bracket.png[الآية 5]
  • جنات الفردوس، / إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا Aya-107.png }[الآية 6]
  • جنة الخلد، / قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا Aya-15.png }[الآية 7]
  • الغرفة،

    الجنة في الإسلام  

     أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا Aya-75.png }[الآية 8]
  • دار المقامة، / الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ Aya-35.png }[الآية 9]
  • جنة المأوى، { أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ Aya-19.png } [الآية 10]
  • الحسنى، { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ Aya-26.png } [الآية 11]
  • المقام الأمين، { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ Aya-51.png } [الآية 12]
  • مقعد صدق، { فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ Aya-55.png } [الآية 13]


دخول الجنة

ثبت في الأحاديث النبوية أن المؤمنين عندما يطول عليهم الموقف في يوم القيامة، يطلبون من الأنبياء أن يستفتحوا باب الجنة، فيمتنعون ويأبون، حتى إذا طلبوا من النبي محمد، يشفع في ذلك فيُشفَّع.

وبعد أن يجتاز المؤمنون الصراط يوقفون على قنطرة بين الجنة والنار، ليهذبون وينقون، ذلك بأن يقتص لبعضهم من بعض إذا كانت بينهم مظالم دنيا، لكي يدخلوا الجنة أطهارًا أبرارًا. وقد ذكر النبي ذلك: «يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا.»[5]

يدخل أهل الجنةِ الجنةَ زمرًا وتفتح لهم أبواب الجنة إذا جاؤوها، تستقبلهم الملائكة بالتهنئة بسلامة الوصول. وذلك لقول الله: Ra bracket.png وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ Aya-73.png } .[الآية 14]

إن أول من يدخل الجنة هو النبي محمد، كما قال: «آتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَأَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ أَنْ لا أَفْتَحَ لأَحَدٍ قَبْلَكَ.»[6] وأول من يدخل من أمة محمد هو أبو بكر الصديق، إذ قال النبي: «أَمَا إِنَّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي»[7].

وأول زمرة تدخل الجنة هي الزمرة التي تدخل بلا حساب، وهم سبعون ألفًا، مع كل واحد سبعين ألفًا، كما قال النبي: «أعطيت سبعين ألفاً من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب، وجوههم كالقمر ليلة البدر، قلوبهم على قلب رجل واحد، فاستزدت ربي عز وجل، فزادني مع كل واحد سبعين ألفاً»[8]

كما ثبت عن النبي محمد أن الفقراء يسبقون الأغنياء في دخول الجنة بأربعين خريفًا،[9] وأن أول ثلاثة يدخلون الجنة هم الشهداء، والعفيفون المتعففون، وعباد أحسنوا عبادة الله ونصحوا مواليهم.[10] وعصاة المؤمنين يدخلون الجنة بعد أن يُعذَّبون في النار زمنًا مقدرًا، ويخرجون من النار بشفاعة النبي محمد كما قال: «يخرج قوم من النار بشفاعة محمد، فيدخلون الجنة، يسمون الجهنميين.»[11]

وقد روى النبي أيضًا قصة آخر من يدخل الجنة، فقال: «إني لأعلم آخر أهل النار خروجًا منها وآخر أهل الجنة دخولًا الجنة رجل يخرج من النار حبوًا فيقول الله تبارك وتعالى له اذهب فادخل الجنة فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى فيرجع فيقول يا رب وجدتها ملأى فيقول الله تبارك وتعالى له اذهب فادخل الجنة قال فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى فيرجع فيقول يا رب وجدتها ملأى فيقول الله له اذهب فادخل الجنة فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها أو إن لك عشرة أمثال الدنيا قال فيقول أتسخر بي أو أتضحك بي وأنت الملك، قال لقد رأيت رسول الله Mohamed peace be upon him.svg ضحك حتى بدت نواجذه قال فكان يقال ذاك أدنى أهل الجنة منزلة.»[12]

خلود الجنة

يؤمن المسلمون بأن الجنة خالدة لا تفنى ولا تبيد، وأهلها فيها خالدون لا يرحلون عنها ولا يبيدون ولا يموتون، وهناك عدة أحاديث تدل على ذلك، إذ ذُكر في حديث ذبح الموت بين الجنة والنار: «يا أهل الجنة خلود بلا موت، ويا أهل النار خلود بلا موت.»[13] وقال أيضًا: «من يدخل الجنة ينعم، لا يبأس، لا تبلى ثيابه، ولايفنى شبابه.»[14]

وصف الجنة


تمثيل فني للجنة في الإسلام. منمنمة فارسية من تاريخ محمد، المكتبة الوطنية الفرنسية، پاريس.

يؤمن المسلمون بأن نعيم الجنة يفوق الوصف ليس له نظير فيما يعلمه أهل الدنيا، قال الله في الحديث القدسي: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاقرؤوا إن شئتم: Ra bracket.png فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الآية 15][1]

أبواب الجنة

للجنة أبواب يدخل منها المؤمنون ويدخل منها الملائكة،[15] وتفتح أبوابها كل عام في رمضان، كما قال النبي: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة»،[16] وعددها ثمانية، منها باب الريان المخصص لدخول الصائمين، ومنها باب الصلاة للمكثرين الصلاة، وباب الصدقة للمتصدقين، وباب الجهاد للمجاهدين في سبيل الله. وهذا كله مذكور في حديث النبي: «من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير لك وللجنة أبواب فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان»[17]

درجات الجنة

الجنة درجات بعضها فوق بعض، وأهلها متفاضلون فيها بحسب منازلهم فيها، بل وحتى الأنبياء متفاضلون من بينهم، والأدلة تكثر على تقسيم الجنة لدرجات وعلو درجة بعض المؤمنين على درجة بعضهم الآخر، فقد قال الله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا ت Aya-11.png }،[الآية 16] وقال النبي: «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن[18] وسبب تفاضل الدرجات بسبب اختلاف أصحابها في الأعمال.

أهل الدرجات العلى يكونون في نعيم أرقى من الذين من دونهم، وقد جاءت المقارنة بين درجات الجنة في سورتي الرحمن والواقعة، فأما المقربين فقال الله في ثوابهم: { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ Aya-46.png }،[الآية 17] وأصحاب اليمين قال الله في ثوابهم: { وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ Aya-62.png }.[الآية 18] وقال القرطبي: «لمّا وصف الجنتين أشار إلى الفرق بينهما، فقال في الأوليين: { فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ Aya-50.png }.[الآية 19] وقال في الأخريين: / فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ Aya-66.png } [الآية 20] أي فوارتان بالماء، ولكنهما ليستا كالجاريتين، لأن النضخ دون الجري، وقال في الأوليين: Ra bracket.png فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ Aya-52.png }[الآية 21] معروف وغريب، رطب ويابس، فعم ولم يخص، وفي الأخريين: { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ Aya-68.png }،[الآية 22] ولم يقل من كل فاكهة زوجان. وقال في الأوليين: Ra bracket.png مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ Aya-54.png }[الآية 23] وهو الديباج. وقال في الأخريين: { مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ Aya-76.png }،[الآية 24] والعبقري الوشي، ولا شك أن الديباج أعلى من الوشي، والرفرف كسر الخبا، ولا شك أن الفرش المعدة للاتكاء فيها أفضل من الخبا، وقال في الأوليين في صفة الحور العين: Ra bracket.png كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ Aya-58.png }.[الآية 25] وفي الأخريتين: { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ Aya-70.png }،[الآية 26] وليس كل حسن كحسن الياقوت والمرجان.»[19]

وقد ذكر النبي محمد حوارًا دار بين الله تعالى والنبي موسى عن أدنى أهل الجنة منزلة وأعلاهم، فقال: «سأل موسى ربه: ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجيء بعد ما أدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له ادخل الجنة فيقول أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم، فيقال له أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا، فيقول رضيت رب، فيقول لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله، فقال في الخامسة رضيت رب فيقول هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول رضيت رب. قال: رب فأعلاهم منزلة قال أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر. قال: ومصداقه في كتاب الله عز وجل: Ra bracket.png فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الآية 27][20]

أعلى منزلة في الجنة هي الوسيلة، وهي للنبي محمد فقد أمر أصحابه أن يسألوا له الوسيلة، فقال: «الوسيلة درجة عند الله، ليس فوقها درجة، فسلوا الله أن يؤتيني الوسيلة.»[21] ومن الذين يحلون الدرجات العلى الشهداء، وأفضلهم الذين يقاتلون في الصفوف الأولى ولا يلتفون حتى يُقتلوا، ومنهم الساعي على الأرملة والمسكين، وكافل اليتيم. وترفع درجة الآباء ببركة دعاء الأبناء، وكل ذلك ثابت في الأحاديث.[22]


بناء الجنة

بناء الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة كما قال النبي عندما سُئل عن بنائها فقال: «لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها الدر والياقوت، وتربتها الزعفران»[23]. وذكر تربتها في حديث آخر فقال: «أدخلت الجنة، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك»[24].

ولها رائحة عبقة زكية تملأ جنباتها توجد من مسافات طويلة فقد قال النبي: «من قتل رجلًا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عامًا»[25]

يرى بعضهم بأنه ليس في الجنة ليل ولا نهار، وإنما هم في نور دائم أبدًا، وإنما يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب[26]. ويرى آخرون بأنها ليس فيها شمس ولا قمر ويعرفون البكرة والعشية بنور يظهر من قبل العرش[27].

أنهار الجنة وعيونها

لا يكاد القرآن يذكر الجنة في آياته إلا ووصفها بأنها تجري من تحتها الأنهار، وذلك في مواضع عديدة من القرآن. مثل: Ra bracket.png إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ Aya-11.png La bracket.png[الآية 28]. وأحيانًا يذكر أنها تجري من تحتهم -أي أهل الجنة-. وتبين في الأحاديث العديد من أسماء الأنهار وأوصافها. قال النبي: «رفعت لي السدرة فإذا أربعة أنهار، نهران ظاهران ونهران باطنان، فأما الظاهران: فالنيل والفرات، وأما الباطنان: فنهران في الجنة»[28]. وقال أيضًا: «سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة»[29].

ومن أشهر أنهار الجنة نهر الكوثر إذ أُنزلت سورة باسمه، ووصفه النبي في بعض الأحاديث. فقال:

«أعطيت الكوثر، فإذا نهر يجري على ظهر الأرض، حافتاه قباب الؤلؤ، ليس مسقوفًا، فضربت بيدي إلى تربته، فإذا تريته مسك أذفر، وحصباؤه الؤلؤ»

وفي رواية: «هو نهر أعطانيه الله في الجنة ترابه المسك، ماؤه أبيض من اللبن، وأحلى من العسل ترده طيور أعناقها مثل أعناق الجزور»[30].

وفي الجنة أنهار أخرى غير أنهار الماء، كما قال الله: Ra bracket.png مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَر Aya-15.png La bracket.png[الآية 29]. ونهر يسمى بارق، يكون على باب الجنة، ويكون الشهداء في البرزخ عند هذا النهر[31]. قال النبي محمد: «الشُّهَدَاءُ عَلَى بَارِقِ نَهْرٍ بِبَابِ الْجَنَّةِ، وَيَظْهَرُ بِبَابِ الْجَنَّةِ فِي قُبَّةٍ خَضْرَاءَ يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ رِزْقُهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ بُكْرَةً وَعَشِيًا»[32].

أما عن عيون الجنة فهي كثيرة ومختلفة الطعوم والشراب[33]، وذكرت في آيات عديدة: Ra bracket.png إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ Aya-45.png La bracket.png[الآية 30]، وقوله: Ra bracket.png إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ Aya-41.png La bracket.png[الآية 31]. وفي الجنة عينان يشرب المقربون ماءهما صرفًا غير مخلوط، ويشرب منهما الأبرار مخلوطًا ممزوجًا بغيره. الأولى هي عين الكافور، قال الله فيها: Ra bracket.png إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا Aya-5.png عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا Aya-6.png La bracket.png[الآية 32]، فأُخبر في هذه الآية أن الأبرار يشربون شرابهم ممزوجًا بغيره، بينما عباد الله يشربونها خالصًا. والعين الثانية هي عين التسنيم: { إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ Aya-22.png عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ Aya-23.png تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ Aya-24.png يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ Aya-25.png خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ Aya-26.png وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ Aya-27.png عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ Aya-28.png }[الآية 33]. ومن عيون الجنة عين تسمى سلسبيل، إذ قال الله: { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا / عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا Aya-18.png }[الآية 34].

قصور الجنة وخيامها

سميت مساكن الجنة بالغرفات أو الغرف في مواضع من القرآن. ووصفت بأنها مساكن طيبة. ووصفها القرآن فقال: Ra bracket.png لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ Aya-20.png La bracket.png[الآية 35]. فهي طباق فوق طباق مبنيات محكمات مزخرفات عاليات. أما في الحديث، فقد وصفها الرسول قائلًا: «إن في الجنة غرفاً يرى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهروها، فقالوا لمن يا رسول الله؟ قال عليه الصلاة والسلام: لمن أطاب الكلام، وأفشى السلام، وأطعم الطعام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام»[34].

إلى جانب القصور والغرف، ففي الجنة خيام كما ذُكر في القرآن: Ra bracket.png حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ Aya-72.png }[الآية 36]. وذُكرت في أحاديث كثيرة، كما قال النبي واصفًا إياها: «إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها ستون ميلاً، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن، فلا يرى بعضهم بعضاً»[35].

وحثت الكثير من الأحاديث على أعمال جزاؤها بيت في الجنة، منها قول النبي: «من صلى في اليوم والليلة اثنتي عشرة ركعة تطوعاً بنى الله له بيتاً في الجنة»[36].

أشجار الجنة وثمارها

إلى جانب الأنهار، فإن الكثير من آيات القرآن تذكر الجنة وتقرن ذكرها بالأشجار والثمرات. وهي أشجار كثير ومتنوعة، منها العنب والنخل والرمان، كما قال الله: { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ Aya-68.png La bracket.png[الآية 37]، والسدر والطلح كما قال: { وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ Aya-27.png فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ Aya-28.png وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ Aya-29.png }[الآية 38] والسدر هو شجر النبق الشائك ولكنه في الجنة مخضود أي منزوع شوكه، والطلح شجر في الحجاز فيه شوك، ولكنه في الجنة منضود معد للتناول[37]. وأشجار كثيرة لم تذكر، إذ قال: Ra bracket.png فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ Aya-52.png La bracket.png[الآية 39].

وفي القرآن مايدل على أنها دائمة العطاء لا تنقطع في فصل دون فصل، كما قال: {{ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ Aya-32.png لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ Aya-33.png La bracket.png[الآية 40]. وبعض ثمارها تتشابه في منظرها، ولكنها تختلف في طعمها: Ra bracket.png وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَا Aya-25.png La bracket.png[الآية 41]. وهي ذات فروع وأغصان باسقة نامية: Ra bracket.png ذَوَاتَا أَفْنَانٍ Aya-48.png La bracket.png[الآية 42] وهي شديدة الخضرة: { مُدْهَامَّتَانِ Aya-64.png }[الآية 43]، ومدهامة أي مائلة للسواد من شدة خضرتها واشتباك أشجارها[38]. وتكون ثمار الأشجار دانية مذللة للمؤمنين ليأخذوها بيسر وسهولة: { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا Aya-14.png }[الآية 44]. وذكر ظلها بأنه ممدود: { وَظِلٍّ مَمْدُودٍ Aya-30.png }[الآية 45]. وساق كل شجرة من ذهب، كما قال النبي: «ما في الجنة من شجرة إلا وساقها من ذهب»[39].

وبعض أشجار الجنة خُصصت بالوصف في النصوص. فهناك شجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام، كما قال النبي: «إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مئة سنة لا يقطعها»[40]. وأيضًا سدرة المنتهى، التي رأى النبي عندها جبريل على صورته الحقيقية، وذكرت في القرآن بأنها عند جنة المأوى، كما قال الله: Ra bracket.png عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى Aya-14.png عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى Aya-15.png La bracket.png[الآية 46]. ووصفها الرسول فقال: «ثم رفعت لي سدرة المنتهى، فإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة»[41]. وهناك شجرة طوبى، قال النبي فيها: «طوبى شجرة في الجنة مسيرة مئة عام، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها»[42]. وذكر في حديث أنها تتشقق عنها ثمار الجنة. وهناك الريحان، وسيد ريحان الجنة هو الحناء كما قال النبي[43].

دواب الجنة

في الجنة طيور ودواب لا يعلمها إلا الله، إذ قال: Ra bracket.png وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ Aya-21.png }[الآية 47]. وقال النبي لمن جعل ناقته في سبيل الله: «لك بها سبعمئة ناقة كلها مخطومة في الجنة»[44].

أهل الجنة

يؤمن المسلمون بأن أصحاب الجنة هم المؤمنون الموحدون، فكل من أشرك بالله أو كفر به أو كذب بأصل من أصول الإيمان فإنه يحرم من الجنان ويكون في النيران[45]. وكثيرًا ما يذكر القرآن أن أصحاب الجنة هم المؤمنون الذين يعملون الصالحات، كقوله: Ra bracket.png الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ Aya-56.png }[الآية 48]، وأحيانًا يفصل هذه الأعمال الصالحة. وأحيانًا يذكر أنهم استحقوا الجنة لتحقيقهم أمرًا من أمور الإيمان أو عملًا صالحًا.

يؤمن المسلمون بأن الدخول للجنة أمرًا شاقًا وليس بالسهل. فقد قال النبي: «حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره»[46]، أي أنه لا يدخل الجنة إلا بارتكاب المكاره -وهي الأعمال الصالحة التي تشق على النفس-، ولا يدخل النار إلا بوقوعه في الشهوات[47].

جعل الله لكل واحد من بني آدم منزلين: منزلًا في الجنة وآخر في النار، فمن كتب لهم السعادة من أهل الجنة يرثون منازل أهل النار التي كانت لهم في الجنة[48]

قال العزيز الحكيم: {{ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ Aya-10.png الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ Aya-11.png }[الآية 49]

وقد تم ذكر بعض الأحوال لأهل الجنة التي كانو عليها في الدنيا. منهم من كان ضعيفًا، كما قال النبي: «ألا أخبركم بأهل الجنة؟ قالوا: بلى، قال: كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره»[49]. وأيضًا ذكر أن أكثر أهل الجنة هم المساكين والفقراء: «اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء»[50]. ومع أن هذا الحديث يذكر بأن النساء أكثر أهل النار، فقد قال بعض العلماء أنهم أيضًا أكثر أهل الجنة، استدلالًا بحديث: «إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر بليلة البدر، والتي تليها على أضوأ كوكب دري في السماء، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، ومافي الجنة أعزب»[51].

سادة أهل الجنة

ثبت عن النبي محمد أنه ذكر بعض سادات أهل الجنة من الكهول والشباب والنساء، فقال: «أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة»[52]، وقال: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة»[53]. هذا، وقد ذكر النساء أيضًا فقال: «سيدات نساء أهل الجنة بعد مريم ابنة عمران: فاطمة، وخديجة، وآسية امرأة فرعون»[54].

من صُرح بدخولهم الجنة

غير سادة أهل الجنة، فقد ذكر النبي أسماء آخرين سيدخلون الجنة. وذكر عشرة أشخاص دفعة واحدة: «أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبد الرحمن بن عوف في الجنة وسعد بن أبي وقاص في الجنة وسعيد بن زيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة»[55].

غير هؤلاء العشرة، ذكر آخرون في أحاديث مفردة بأنهم سيدخلون الجنة، مثل جعفر بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وعبد الله بن سلام، وزيد بن حارثة وزيد بن عمرو بن نفيل وحارثة بن النعمان، وبلال بن رباح وأبو الدحداح وورقة بن نوفل[56].

صفة أهل الجنة ونعيمهم

يدخل أهل الجنةِ الجنةَ على أكمل صورة وأجملها، على صورة النبي آدم، ويكونون ذو نفوس صافية وأرواح طاهرة وزكية. ويكونون جردًا مردًا كأنهم مكحولون، وهم أبناء ثلاث وثلاثين. ومن صفتهم أنهم لا يبصقون ولا يمتخطون ولا يتغوطون، ولا ينامون، كما جاء في الحديث[57]. وعندما يدخلون الجنة يسبحون ربهم ويكون آخر دعواهم: الحمد لله رب العالمين. قال الله: {{ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ Aya-9.png دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ Aya-10.png } [الآية 50]

تتحق أماني أهل الجنة في مدة قصيرة جدًا، كما حدّث رسول الله أن أحدهم من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع، فيأذن له، فما يكاد يلقي البذر حتى يضرب بجذوره في الأرض ثم ينمو ويكتمل وينضج في نفس الوقت[58]. ومما يدل على سرعة تحقيق الأماني قوله: «المؤمن إذا اشتهى ولدًا في الجنة، كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة كما يشتهي»[59].

ومما يفعله أهل الجنة بعد دخولهم الجنة تأنيب الكفار والضحك منهم، كما ذُكر في القرآن: {{ وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ Aya-44.png } [الآية 51]

 

وذكر القرآن بأن الكفار كانوا يسخرون من الذين آمنوا في الدنيا: {{ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ Aya-29.png } [الآية 52]، فلذلك استحقوا بأن يسخر منهم المؤمنون يوم القيامة: {{ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ Aya-34.png } [الآية 53].

ومن نعيم أهل الجنة التسبيح والتكبير، ويكون هذا الذكر ليس من باب التكليف وإنما يُلهَمون التسبيح والتكبير في الجنة كما يُلهمون النفس[60].

وأفضل ما يعطاه أهل الجنة، رضوان الله والنظر لوجهه، فعن النبي قال: «إن الله يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك فيقول هل رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون يا رب وأي شيء أفضل من ذلك فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا»[61]. وقال الله: Ra bracket.png إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ Aya-23.png La bracket.png[الآية 54]، وقال أيضًا: Ra bracket.png لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ Aya-26.png La bracket.png[الآية 55]، وقد فُسرت الحسنى بأنها الجنة، والزيادة هي رؤية وجه الله[62].

طعامهم وشرابهم

إلى جانب أشجار الجنة وثمارها، وأنهارها وعيونها، فإن لأهل الجنة مايشتهون من الأطعمة المتنوعة كما قال الله: Ra bracket.png كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ Aya-24.png }[الآية 56]. وثبت عن النبي محمد أن أول طعام أهل الجنة هو زيادة كبد الحوت[63].

وإن من ما فُصّل من شراب الجنة في الوصف خمرها، فقد ذُكر خمر الجنة بأنه يختلف عن خمر الدنيا، فهو لا يصدع الرؤوس ولا ينزف العقول، قال ابن عباس: "في الخمر أربع خصال: السكر والصداع، والقيء والبول، فذكر الله خمر الجنة ونزهها عن هذه الخصال.[64]، وأنه منزه من العيوب ولونه أبيض، كما قال الله: {{ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ Aya-45.png بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ Aya-46.png لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ Aya-47.png } [الآية 57].

ولا ينتج عن طعام وشراب الجنة الفضلات والأذى والدنس من البول والغائط وما شابه، ولكن تخرج بقايا الطعام والشراب على هيئة رشح كرشح المسك يفيض من أجسادهم، كما يتحول بعض منه أيضًا إلى جشاء كجشاء المسك تنبعث منه الروائح الطيبة العبقة[65].

أما عن آنيتهم فهي الذهب والفضة، كما قال الله: Ra bracket.png يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ Aya-71.png La bracket.png[الآية 58]، وقال:{{ وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآَنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ Aya-15.png قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا Aya-16.png } [الآية 59]. ومن الآنية التي يشربون منها الأكواب والأباريق والكؤوس، كما قال: {{ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ   }} [الآية 60].

لباسهم وحليهم ومباخرهم

يلبس أهل الجنة أفخر اللباس، ويتزينون بأنواع من الحلي، ومن لباسهم الحرير، ومن زينتهم وحلاهم أساور الذهب والفضة واللؤلؤ، كما قال: Ra bracket.png جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ Aya-33.png La bracket.png[الآية 61]، وقال: {{ عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا Aya-21.png } [الآية 62]. وفي هذه الآية يبان أنهم يلبسون السندس والإستبرق أيضًا، وتكون ذات ألوان ومنها الخضراء. وتكون ثياب أهل الجنة أرقى الثياب، إذ أتى النبي بثوب من حرير، فجعل الصحابة يعجبون من حسنه ولينه فقال: «لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أفضل من هذا» [66]

ولهم أمشاط من ذهب وفضة، ويتبخرون بعود الطيب، كما قال رسول الله: «أمشاطهم الذهب، ووقود مجامرهم الألوة ورشحهم المسك»[66]. وبعضهم يُحلّى بالتيجان كالشهداء، إذ قال النبي: «ويُوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها»[67].وقال النبي في وصف تيجان نساء الجنة «وإن عليهن التيجان ، وإن أدنى لؤلؤة عليها لتضيء ما بين المشرق والمغرب».[68]

وثياب أهل الجنة كما ثبت لا تبلى ولاتفنى: «من يدخل الجنة ينعم لا يبأس، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه»[14].

فرشهم وخدمهم

إن المؤمنين يكونون في الجنة على سرر مصفوفة أو فرش مرفوعة بطائنها من الإستبرق ويكونون متقابلين، فقد قال الله: Ra bracket.png فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ Aya-13.png وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ Aya-14.png وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ Aya-15.png وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ Aya-16.png La bracket.png[الآية 63]. وقال: {{ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ Aya-76.png } [الآية 64]. ويكونون متكئين على هذه السرر والأرائك والفرش.

يخدم أهل الجنة غلمان صغار يخلقهم الله لهذه المهمة. وهم مخلدون على حالتهم لا يكبر سنهم، وهم في غاية الجمال، ووصفوا في القرآن بأنهم كاللؤلؤ: {{ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا Aya-19.png }[الآية 65].

سوقهم واجتماعهم

قال رسول الله: «إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسنا وجمالا، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا. فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا»[69]. والسوق مجمع لهم يجتمعون فيه كما يجتمع الناس في الدنيا في السوق، ويأتونها مقدار كل أسبوع[70].

وإن أهل الجنة يزور بعضهم بعضًا، ويجتمعون في المجالس يتحدثون، ومن ما يتحدثون به نعمة الله عليهم: {{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ Aya-25.png قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ Aya-26.png فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ Aya-27.png إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ Aya-28.png }[الآية 66]. وأيضًا يتحدثون عن صحبتهم السيئة في الدنيا: {{ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ Aya-50.png قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ Aya-51.png يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ Aya-52.png أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ Aya-53.png قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ Aya-54.png فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ Aya-55.png قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ Aya-56.png وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ Aya-57.png } [الآية 67].

نساؤهم والحور العين

إذا دخل المؤمن الجنة وكانت زوجته صالحة فإنها تكون زوجته في الجنة: {{ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ Aya-70.png La bracket.png[الآية 68]. ويزوج الله المؤمنين بزوجات غير زوجاتهم في الدنيا ويسمون الحور العين: Ra bracket.png كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ Aya-54.png }[الآية 69]، والحوراء التي يكون بياض عينها شديد البياض وسواده شديد السواد، والعيناء هي واسعة العين[71]. ووصفهن القرآن بعدة أوصاف، منها أنهن بارزات الثدي جميلات متقاربات في السن: {{ وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا Aya-33.png La bracket.png[الآية 70]. ومنها أنهن أبكارًا لم ينكحهن أحد قبلهم، وهن متحببات لأزواجهن غنجات، فقد قال الله: Ra bracket.png إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً Aya-35.png فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا Aya-36.png عُرُبًا أَتْرَابًا Aya-37.png La bracket.png[الآية 71]

 

ووصفهن بأنهن كاللؤلؤ في آية، وكالياقوت والمرجان في آية أخرى. وتكون نساء الجنة مطهرات من الحيض والنفاس[72]، ووردت أحاديث كثيرة تصف جمال الحور العين ونساء الجنة، فقد قال رسول الله: «ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحا ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها»[73].

يختلف عدد زوجات كل رجل مؤمن في الجنة، فللشهيد 72 زوجة من الحور العين كما قال الرسول محمد[74]. وقد قال عنهن أنهن يغنين بأصوات عذبة جميلة: «إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات سمعها أحد قط، إن مما يغنين به نحن الخيرات الحسان أزواج قوم كرام ينظرون بقرة أعيان، وإن مما يغنين به نحن الخالدات فلا نمتنه نحن الآمنات فلا نخفنه نحن المقيمات فلا نظعنه»[75]. وأخبر عنهن أنهن يغرن على أزواجهن في الدنيا إذا آذى الواحدَ زوجتُه في الدنيا: «لَا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ: لَا تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللهُ ؛ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا»[76]. وأخبر أن الرجل يُعطى قوة كبيرة للنكاح: «يُعْطَى الْمُؤْمِنُ فِي الْجَنَّةِ قُوَّةَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْجِمَاعِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَيُطِيقُ ذَلِكَ؟، قَالَ: يُعْطَى قُوَّةَ مِائَةٍ رجل»[77].

انظر أيضاً







اقرأ نصاً ذا علاقة في
كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح












اقرأ نصاً ذا علاقة في
القصيدة النونية لابن القيم وفيها وصف الجنة












اقرأ نصاً ذا علاقة في
القصيدة الميمية لابن القيم وفيها وصف الجنة








أركان الإيمان
جنة الفردوس
حور عين
سدرة المنتهى
فكر إسلامي
إسلام
حسنات وسيئات


المصادر






^ أ ب صحيح البخاري: 3072
^ صحيح مسلم: 2816
^ صحيح مسلم: 5087.
^ كتاب الجنة والنار للأشقر، ص 113
^ صحيح البخاري: 6081
^ صحيح مسلم: 197
^ سنن أبي داود: 4652
^ صحيح الجامع: (350/1) ورقمه:1068
^ كتاب الجنة والنار، ص 122
^ كتاب الجنة والنار، ص 124
^ صحيح البخاري: 6566
^ جامع الأصول (553/10)
^ صحيح مسلم: 2149
^ أ ب صحيح مسلم: 2836
^ كتاب الجنة والنار، ص 143
^ صحيح البخاري: 1898
^ النهاية لابن كثير: (214/2)
^ صحيح البخاري: 2790
^ التذكرة للقرطبي: ص 440
^ صحيح مسلم: 189
^ النهاية: (2332/2)
^ الجنة والنار: ص 155،156
^ مشكاة المصابيح: 5630
^ صحيح البخاري: 3342
^ صحيح الجامع الصغير: 6324
^ التذكرة: ص 504
^ مجموع فتاوى شيخ الإسلام: (312/4)
^ جامع الأصول: (507/10)
^ صحيح البخاري: 2839
^ النهاية: (264/2)
^ الجنة والنار: ص 161
^ صحيح الجامع الصغير: 3636
^ الجنة والنار: ص 162
^ صحيح الجامع الصغير: 2119
^ صحيح البخاري: 2838
^ صحيح الجامع: 6334
^ الجنة والنار: ص 168
^ الجنة والنار: ص 170
^ صحيح الجامع الصغير: (150/5)
^ صحيح مسلم: 2826
^ صحيح البخاري: 3598
^ سلسلة الأحاديث الصحيحة: 1985
^ الجنة والنار: ص 173
^ صحيح مسلم: 1892
^ الجنة والنار: ص 177
^ جامع الأصول: 8069
^ شرح النووي على مسلم: (165/17)
^ الجنة والنار: ص 183
^ جامع الأصول: (535/10)
^ مشكاة المصابيح: 5234
^ صحيح مسلم: 2834
^ سلسلة الأحاديث الصحيحة: 824
^ سنن الترمذي: 3768
^ سلسلة الأحاديث الصحيحة: 1424
^ صحيح الجامع الصغير: 50
^ الجنة والنار: ص 207،208،209
^ الجنة والنار: ص 213،214
^ الجنة والنار: 234
^ صحيح الجامع: 6525
^ فتح الباري: (326/6)
^ مشكاة المصابيح: (88/3)
^ الجنة والنار: ص 246
^ الجنة والنار: ص 222
^ تفسير ابن كثير: 514/6
^ الجنة والنار: ص 224
^ أ ب فتح الباري: (319/6)
^ مشكاة المصابيح: 3834
^ صحيح ابن حبان ،(ج 16 / ص 409) ، رقم الحديث (7397) حسن .
^ صحيح مسلم: 2883
^ النووي على مسلم: (170/17)
^ الجنة والنار: ص 237،238
^ الجنة والنار: ص 239
^ فتح الباري: (15/6)
^ الجنة والنار: ص 239،240
^ صحيح الجامع الصغير: 1557
^ صحيح الجامع الصغير: 7069
^ مشكاة المصابيح: 5636


آيات

^ سورة السجدة، الآية 17
^ سورة الأنعام، الآية 127
^ سورة التوبة، الآية 72
^ سورة يونس، الآية 9
^ سورة النحل، الآية 30
^ سورة الكهف، الآية 107
^ سورة الفرقان، الآية 15
^ سورة الفرقان، الآية 75
^ سورة فاطر، الآية 35
^ سورة السجدة، الآية 19
^ سورة يونس، الآية 26
^ سورة الدخان، الآية 51
^ سورة القمر، الآية 55
^ سورة الزمر، الآية 73
^ سورة السجدة، الآية 17
^ سورة المجادلة، الآية 11
^ سورة الرحمن، الآية 46
^ سورة الرحمن، الآية 63
^ سورة الرحمن، الآية 50
^ سورة الرحمن، الآية 66
^ سورة الرحمن، الآية 52
^ سورة الرحمن، الآية 68
^ سورة الرحمن، الآية 54
^ سورة الرحمن، الآية 76
^ سورة الرحمن، الآية 58
^ سورة الرحمن، الآية 70
^ سورة السجدة، الآية 17
^ سورة البروج، الآية 11
^ سورة محمد، الآية 15
^ سورة الحجر، الآية 45
^ سورة المرسلات، الآية 41
^ سورة النساء، الآيتان 5،6
^ سورة المطففين، الآيات 22-28
^ سورة الإنسان، الآيتان 17،18
^ سورة الزمر، الآية 20
^ سورة الرحمن، الآية 72
^ سورة الرحمن، الآية 68
^ سورة الواقعة، الآيات 27-29
^ سورة الرحمن، الآية 52
^ سورة الواقعة، الآيتان 32،33
^ سورة البقرة، الآية 25
^ سورة الرحمن، الآية 48
^ سورة الرحمن، الآية 64
^ سورة الإنسان، الآية 14
^ سورة الواقعة، الآية 30
^ سورة النجم، الآيتان 14،15
^ سورة الواقعة، الآية 21
^ سورة الحج، الآية 56
^ سورة المؤمنون، الآيتان 10،11
^ سورة يونس، الآيتان 9،10
^ سورة الأعراف، الآية 44
^ سورة المطففين، الآية 29
^ سورة المطففين، الآية 34
^ سورة القيامة، الآية 23
^ سورة يونس، الآية 26
^ سورة الحاقة، الآية 24
^ سورة الصافات، الآيات 45-47
^ سورة الزخرف، الآية 71
^ سورة الإنسان، الآيتان 15،16
^ سورة الواقعة، الآية 17
^ سورة فاطر، الآية 33
^ سورة الإنسان، الآية 21
^ سورة الغاشية، الآيات 13-16
^ سورة الرحمن، الآية 76
^ سورة الإنسان، الآية 19
^ سورة الطور، الآيات 25-28
^ سورة الصافات، الآيات 50-57
^ سورة الزخرف، الآية 70
^ سورة الدخان، الآية 54
^ سورة النبأ، الآية 33
^ سورة الواقعة، الآيات 35-37


كتب


حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، لابن قيم الجوزية.
صفة الجنة وما أعد الله لأهلها من النعيم لابن أبي الدنيا.
الجنة والنار، من سلسلة اليوم الآخر لعمر بن سليمان الأشقر.
التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة لشمس الدين القرطبي.
الحياة الآخرة - ما بين البعث إلى دخول الجنة والنار لغالب بن علي عوالجي.

البرزخ في السنة النبوية

وردت أحاديث صحيحة كثيرة عن حياة البرزخ منها ما رواه أنس بن مالك قال: (إنَّ نبيَّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ دخلَ نخلًا لبني النَّجَّارِ، فسمعَ صوتًا ففزعَ، فقالَ: مَن أصحابُ هذِهِ القبورِ ؟ قالوا: يا رسولَ اللَّهِ ناسٌ ماتوا في الجاهليَّةِ، فقالَ: تعوَّذوا باللَّهِ من عذابِ النَّارِ، ومِن فتنةِ الدَّجَّالِ قالوا: وممَّ ذاكَ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ: إنَّ المؤمنَ إذا وُضعَ في قبرِهِ أتاهُ ملَكٌ فيقولُ لَهُ: ما كُنتَ تعبدُ ؟ فإنِ اللَّهُ هداهُ قالَ: كنتُ أعبدُ اللَّهَ، فيقالُ لَهُ: ما كنتَ تقولُ في هذا الرَّجلِ ؟ فَيقولُ هوَ عبدُ اللَّهِ ورسولُهُ، فما يَسألُ عَن شيءٍ، غيرِها، فينطَلقُ بِهِ إلى بيتٍ كانَ لَهُ في النَّارِ فيقالُ لَهُ: هذا بيتُكَ كانَ لَكَ في النَّارِ، ولَكنَّ اللَّهَ عَصمَكَ ورحمَكَ، فأبدلَكَ بِهِ بيتًا في الجنَّةِ، فيقولُ: دَعوني حتَّى أذْهبَ فأبشِّرَ أَهلي، فيقالُ لَهُ: اسْكُنْ، وإنَّ الْكافرَ إذا وُضِعَ في قبرِهِ أتاهُ ملَكٌ فينتَهرُهُ فيقولُ لَهُ: ما كنتَ تعبدُ ؟ فيقولُ: لا أدري، فيقالُ لَهُ: لا دَريتَ ولا تَلَيتَ، فيقالُ لَهُ: فما كُنتَ تقولُ في هذا الرَّجلِ ؟ فيقولُ: كنتُ أقولُ ما يقولُ النَّاسُ، فيضربُهُ بمِطراقٍ من حَديدٍ بينَ أذنيْهِ، فيصيحُ صيحةً يسمعُها الخلقُ غيرُ الثَّقلينِ)وقد اتفق أهل السنة والجماعة أن البرزخ عالم الأموات الذي ينتظر به المسلمون يوم القيامة. وأنه "إقناط كلي لما علم أنه لا رجعة يوم البعث إلاّ إلى الآخرة".

ما معنى البرزخ في الجغرافيا وفي الموسوعات العلمية

ما معنى البرزخ في الجغرافيا
البرزخ في الجغرافيا، هو عبارة عن شريط ضيق من اليابسة محاط من الجهتين بالماء وغالبا ما يصل كتلتين يابستين ذواتا حجم كبير نسبيا ببعضهما. يعد البرزخ مثالا طبيعيا على عكس المضيق إذ أن المضيق هو قناة مائية ضيقة تصل مسطحين مائيين كبيرين ببعضهما. يتم عادة اختيار البرزخ لبناء القنوات المائية كقناة بنما وقناة السويس.
معنى برزخ في معجم المعاني
بَرزَخ: (اسم)
الجمع : برازِخُ
البَرْزَخ : الحاجز بين شيئيْن
البَرْزَخ ما بين الموت والبعْث، فمن مات فقد دَخَل البرزخ
(الجغرافيا) قطعةُ أرضٍ محصورة بين بحرين موصِّلة بين أرضين برزخ قناة السويس
شاهد أيضا:معنى كلمة avatar باللغة العربية
برزخ
"البَرْزَخُ: ما بين كل شيئين، وفي الصحاح: الحاجز بين الشيئين.
والبَرْزَخُ: ما بين الدنيا والآخرة قبل الحشر من وقت الموت إِلى البعث،فمن مات فقد دخل البَرْزَخَ.
وفي حديث المبعث عن أَبي سعيد: في بَرْزَخِ ما بين الدنيا والآخرة؛ قال: البَرْزَخُ ما بين كل شيئين من حاجز، وقال الفراء في قوله تعالى: ومن ورائهم بَرْزَخٌ إِلى يوم يُبْعَثُون؛
قال: البَرْزَخُ من يوم يموت إِلى يوم يبعث.
وفي حديث عليّ، رضوان الله عليه: أَنه صلى بقوم فأَسْوَى بَرْزَخاً؛ قال الكسائي: قوله فأَسْوَى بَرْزَخاً أَجْفَلَ و...
المزيد
المعجم: لسان العرب
شاهد أيضا:معنى كلمة برب بالعربي
بَرْزَخ
بَرْزَخ :-
جمع برازِخُ:
1 - حاجِز بين شيئين :- {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ. بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ} .
2 - (الجغرافيا) قطعةُ أرضٍ محصورة بين بحرين موصِّلة بين أرضين :-برزخ قناة السويس.
3 - ما بين الدنيا والآخرة من وقت الموت إلى يوم البَعْث، فمن مات فقد دخل البَرْزخ :-حياة البرزخ، - {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} .
المعجم: اللغة العربية المعاصرة
شاهد أيضا:معنى كلمة لول في اللغة العربية
بَرزَخ
برزخ - جمع برازخ
1- برزخ : حاجز بين شيئين. 2- برزخ : قطعة أرض ضيقة بين بحرين تصل أرضا بأرض. 3- برزخ : ما بين ساعة الموت إلى ساعة البعث.
المعجم: الرائد
==============
 

برزخ (إسلام)
  انظر برزخ (توضيح)

البَرزَخ بشكل عام، هي فكرة عن عالم غير ملموس مستعملة في الفكر الإسلامي. معناه اللغوي هو مكان يفصل بين شيئين. أما أكثر المسلمون يطلقه على العالم الذي يفصل عالم الموت ويوم القيامة. أما الصوفيون، فيعتبروه مرتبة فكرية إدراكية معرفية. وهي ذكرت في القرأن وتم تفسيرها من خلال الأحاديث وتبنتها الفرق الإسلامية بفروقات بينها.


محتويات
1 حياة الإنسان
2 البرزخ
3 ماهيّة حياة البرزخ
4 في اللغة
5 البرزخ في القرآن
6 البرزخ في السنة النبوية
7 البرزخ عند الشيعة
8 عند الصوفية
9 المراجع
حياة الإنسان
  1. تنقسم حياة الإنسان إلى ثلاثة:

    1. حياة الدنيا وهي التي يعيشها.
    2. بين الحياة الدنيا وبين الآخرة حياة البرزخ
    3. حياة الآخرة (يوم القيامة).

    البرزخ

    يُعرف البرزخ على أنه الحياة التي تأتي ما بعد الموت، وفي هذه الحياة تبدأ مرحلة جديدة تتصف بالحساب على ما أسلفه الإنسان في الحياة الدنيا. تبدأ الحياة البرزخية مع اللحظات الأولى من قبض الروح ومن ثم والعروج بها والرحيل إلى الدار الأخرى وأول منازلها وهو القبر وأحواله وأهواله والتي تبدأ لضمة القبر وسماع قرع نعال من هم من حوله من مشيعيه وسؤال الملكين الذي يتم من خلاله تحديد مصير العبد، فيرى مقعده من الجنة ويفسح له في قبره مدد البصر إن كان عبد صالحاً مات على العقيدة القويمة، ويضيق عليه ويكون حفرة من حفرة النيران فيرى من النار من أفاتها وحرها وعذابها حتى يلقى ربه إن كان غير صالحاً، ويرى العبد مقعده في الجنة ومقعده في النار فيفرح ويستبشر الصالح ويزداد الطالح غماً وقنوتاً وعذاباً على غمه وعذابه، ويدوم الحال على الميت، فيبقى المنعم منعما بل ويزيده على ذلك نعيم الجنة ويبقى المعذب معذباً إلى يوم يبعثون، ومجمل تفصيل كل ما ورد ذكره دلت عليه النصوص الشرعية، فقد استعاذ النبي محمد صلى الله عليه وسلم من عذاب القبر، فبين حال العبد الصالح عندما توفيه المنية وقارن بينه وبين العبد الطالح. وللقبر ضمة لا يسلم منها عبد قط، وهي أول مرحلة في الحياة البرزخية، ينبغي أن يمر بها كل عبد خلقه الله حسب المعتقد الإسلامي.

    وتختلف الحياة البرزخية اختلافاً كلياً عن الحياة الدنيوية وعن الحياة الأخروية، فكل له صفات ومقومات تتميز في شيء يسمو على الأخر ففي الحياة البرزخية تسمو النفس على كل من الجسد والروح، كما ويختلف كل منها في أوجه كثيرة أهمها: أن الروح ذو صلة دائمة بالبدن فهي تتعلق به تعلقا خاصاً، فإنها وإن فارقت الجسد وانسلخت عنه عند قبضها، فإنها لا تفارقه بشكل كلي، بحيث لا يبقى لها التفات ابداً، وإنما تعود إليه أحياناً في بعض الأوقات، كعودتها فور سؤال الملكين عند نزوله إلى القبر، كما أن تسليم المسلم على الميت عند زيارته له يستذكرها أيضاً. وهذا الرد هو عملية إعادة معينة للروح لا تكرر حياة البدن قبل البعث.

    ومن مقتضيات الحياة البرزخية معرفة الميت لكل من يزوره من البشر، كما ويسمع الميت على الأرجح لخطاب كل من يزوره.

    ومع كل ما ذكر اعلاه عن حياة البرزخ، يؤمن المسلمون أن هنالك الكثير من الحقائق التي لا يعلمها إلا الله ولا يدركها إلا الميت نفسه، وعلى العبد المسلم الإيمان والتسليم بمقتضيات الموت وأن يعلم أنه ملاقي ربه في يوم من الأيام.

    ماهيّة حياة البرزخ

    حياة البرزخ على حسب حياة الإنسان في الدنيا:

    • فالمؤمن ينعم في البرزخ وروحه في الجنة وجسده يناله بعض النعيم.
    • والكافر روحه تعرض على النار، ويناله نصيب من العذاب، وينال جسده نصيب من العذاب.

    هذه حال البرزخ، المؤمن في سعادة ونعيم، وأخبر النبي محمد أن روح المؤمن في الجنة تسرح في الجنة حيث شاءت، إن نعيم البرزخ و عذابه مذكور في القرآن في أكثر من موضع: فمنها قوله تعالى: {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت و الملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق و كنتم عن آياته تستكبرون} و هذا خطاب لهم عند الموت و قد أخبرت الملائكة وهم الصادقون أنهم حينئذ يجزون عذاب الهون ولو تأخر عنهم ذلك إلى انقضاء الدنيا لما صح أن يقال لهم اليوم تجزون. و منها قوله تعالى فبما أخبر عن آل فرعون،{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (غافر:46) ، فالكفار أرواحهم معذبة وأجسادهم ينالها نصيبها من العذاب حتى يبعث الله الجميع ثم تسير أرواح المؤمنين إلى الجنة وأرواح الكفار إلى النار، هؤلاء مخلدون في الجنة وهؤلاء مخلدون في النار.

    في اللغة

    في اللغة العربية البرزخ هو الحاجز الفاصل بين شيئين مختلفين والمانع لاختلاطهما و امتزاجهما.

    وهذا المعنى يستعمل بكثرة في الجغرافيا. واتخذت معنى غيبي بعد ورود الكلمة في سورة المؤمنون الأية 100 بمعنى العالم الفاصل بين الموت ويوم القيامة.

    البرزخ في القرآن

    لقد جاء ذكر البرزخ في القرآن بثلاث مواضع. في موضعين اثنين بمعنى أرض ملموسة وهما:

    • سورة الرحمن: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ۝19بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ۝20فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ۝21﴾ [55:19—21]
    • سورة الفرقان: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا﴾ [25:53]

    أما الموضع الثالث فيدل على عالم غيبي غير ملموس وهي:

    • سورة المؤمنون: ﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [23:100]

    البرزخ في السنة النبوية

    وردت أحاديث صحيحة كثيرة عن حياة البرزخ منها ما رواه أنس بن مالك قال: (إنَّ نبيَّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ دخلَ نخلًا لبني النَّجَّارِ، فسمعَ صوتًا ففزعَ، فقالَ: مَن أصحابُ هذِهِ القبورِ ؟ قالوا: يا رسولَ اللَّهِ ناسٌ ماتوا في الجاهليَّةِ، فقالَ: تعوَّذوا باللَّهِ من عذابِ النَّارِ، ومِن فتنةِ الدَّجَّالِ قالوا: وممَّ ذاكَ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ: إنَّ المؤمنَ إذا وُضعَ في قبرِهِ أتاهُ ملَكٌ فيقولُ لَهُ: ما كُنتَ تعبدُ ؟ فإنِ اللَّهُ هداهُ قالَ: كنتُ أعبدُ اللَّهَ، فيقالُ لَهُ: ما كنتَ تقولُ في هذا الرَّجلِ ؟ فَيقولُ هوَ عبدُ اللَّهِ ورسولُهُ، فما يَسألُ عَن شيءٍ، غيرِها، فينطَلقُ بِهِ إلى بيتٍ كانَ لَهُ في النَّارِ فيقالُ لَهُ: هذا بيتُكَ كانَ لَكَ في النَّارِ، ولَكنَّ اللَّهَ عَصمَكَ ورحمَكَ، فأبدلَكَ بِهِ بيتًا في الجنَّةِ، فيقولُ: دَعوني حتَّى أذْهبَ فأبشِّرَ أَهلي، فيقالُ لَهُ: اسْكُنْ، وإنَّ الْكافرَ إذا وُضِعَ في قبرِهِ أتاهُ ملَكٌ فينتَهرُهُ فيقولُ لَهُ: ما كنتَ تعبدُ ؟ فيقولُ: لا أدري، فيقالُ لَهُ: لا دَريتَ ولا تَلَيتَ، فيقالُ لَهُ: فما كُنتَ تقولُ في هذا الرَّجلِ ؟ فيقولُ: كنتُ أقولُ ما يقولُ النَّاسُ، فيضربُهُ بمِطراقٍ من حَديدٍ بينَ أذنيْهِ، فيصيحُ صيحةً يسمعُها الخلقُ غيرُ الثَّقلينِ)وقد اتفق أهل السنة والجماعة أن البرزخ عالم الأموات الذي ينتظر به المسلمون يوم القيامة. وأنه "إقناط كلي لما علم أنه لا رجعة يوم البعث إلاّ إلى الآخرة".

    البرزخ عند الشيعة

    قال القمّي أن البرزخ هو امر بين هو الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة وأن جعفر الصادق قال "وما اخاف عليكم الاّ البرزخ وامّا إذا صارالامر الينا فنحن اولى بكم". وقال الضحاك: "هو الحاجز بين الدنيا والاخرة: وقيل البرزخ الإمهال. وقيل: كل فصل بين شيئين برزخ. وفي الآية دلالة على أن احداً لا يموت حتى يعرف اضطراراً منزلته عند الله وانه من أهل الثواب أو العقاب - في قول الجبائي وغيره - وفيها دلالة أيضاً على انهم في حال التكليف يقدرون على الطاعة بخلاف ما تقول المجبرة".

    عند الصوفية

    عند الصوفية معنى بطني للبرزخ والأمكنة التي يفصل بها. فقال سهل: "أن البحرين هما أوامر الخير وأوامر الشر بينهما برزخ لا يبغيان وهو العصمة والتوفيق". وذكر أبو القاسم أن البحرين هما الرب والإنسان والبرزخ هو دلالة على الهوة السحيقة بينهما. وذكر القشيري أن "البحران. إشارة إلى النفس والقلب، فالقلب هو البحر العَذْب والنفس هي البحر الملح. أما ابن عربي، شيخ الصوفية، فقال أن البحرين هما البحر الهيولى الجسمانية، الذي هو الملح الأجاج، وبحر الروح المجردة الذي هو العذاب، أما البرزخ فهو النفس الحيوانية التي ليست في صفاء الأرواح المجردة ولطافتها.

    المراجع


  2. معجم لسان العرب لإبن منصور و الصّحّاح في اللغة للجوهري

  3. حسن, محمد. "أحاديث حياة البرزخ في الكتب التسعة جمعا وتخريجا ودراسة" (PDF).

  4. تفسير جامع البيان في تفسير القرآن، للطبري

  5. تفسير مفاتيح الغيب، التفسير الكبيرللرازي

  6. تفسير الكشاف، للزمخشري

  7. تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض للكاشاني

  8. تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن للطوسي

  9. تفسير حقائق التفسير/ السلمي

  10. تفسير لطائف الإشارات للقشيري

  11. تفسير تفسير القرآن لابن عربي
===========

ما هو البرزخ وكيف يوصف في القران الكريم وفي لغة العرب التي نزل بها القران

لقد جاء ذكر البربخ في القران الكريم علي الوصف التالي في الثلاث آيات التاليات

1.
حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) المؤمنون
حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)
عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات يقولهن عند النوم، من الفزع: "بسم الله، أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون" قال: فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها، كتبها له، فعلقها في عنقه.
ورواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، من حديث محمد بن إسحاق (1) ، وقال الترمذي: حسن غريب.
{ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) } .
يخبر تعالى عن حال المحتضر عند الموت، من الكافرين أو المفرطين في أمر الله تعالى، وقيلهم عند ذلك، وسؤالهم الرجعة إلى الدنيا، ليصلح ما كان أفسده في مدة حياته؛ ولهذا قال: { رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا } كما قال تعالى: { وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ . وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [المنافقون: 10، 11] ، وقال تعالى: { وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ } [إبراهيم:44]، وقال تعالى: { يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ } [الأعراف: 53] ، وقال تعالى: { وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ } [السجدة: 12] ، وقال تعالى: { وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [الأنعام: 27، 28] ، وقال تعالى: { وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ } [الشورى:44] ، وقال تعالى: { قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ } [غافر:11، 12] ، وقال تعالى: { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ } [فاطر: 37] ، فذكر تعالى أنهم يسألون الرجعة، فلا يجابون، عند الاحتضار، ويوم النشور ووقت العرض على الجبار، وحين يعرضون على النار، وهم في غمرات عذاب الجحيم.
وقوله: هاهنا: { كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا } : كلا حرف ردع وزجر، أي: لا نجيبه إلى ما طلب ولا نقبل منه.
قلت المدون ومن ورائهم برزخ إلي يوم يبعثوم والواضح هنا أنه طريق أو قناة يدخل فيها ولا يمكن له الرجوع منها
__________
(1) المسند (2/181) وسنن أبي داود برقم (3893) وسنن الترمذي برقم (3528) والنسائي في السنن الكبرى برقم (10601).
(5/493)
وقوله: { كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا } : قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أي لا بد أن يقولها لا محالة كل محتضر ظالم.
ويحتمل أن يكون ذلك علة لقوله: "كلا" ، أي: لأنها كلمة، أي: سؤاله الرجوع ليعمل صالحا هو كلام منه، وقول لا عمل معه، ولو رد لما عمل صالحا، ولكان يكذب في مقالته هذه، كما قال تعالى: { وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }
وقال محمد بن كعب القرظي: { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ } قال: فيقول الجبار: { كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا } .
وقال عمر بن عبد الله مولى غُفْرَة: إذا سمعت الله يقول: { كَلا } فإنما يقول: كذب .
(1)
وقال قتادة في قوله تعالى: { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ } : قال: كان العلاء بن زياد يقول: لينزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت، فاستقال ربه فأقاله، فليعمل بطاعة الله عز وجل.
وقال قتادة: والله ما تمنى أن يرجع إلى أهل ولا إلى عشيرة، ولكن تمنى أن يرجع فيعمل بطاعة الله، فانظروا أمنية الكافر المفرط فاعملوا بها، ولا قوة إلا بالله. وعن محمد بن كعب القرظي نحوه.
وقال محمد بن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا فضيل -يعني: ابن عياض-عن لَيْث، عن طلحة بن مُصَرِّف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: إذا وضع -يعني: الكافر-في قبره، فيرى مقعده من النار. قال: فيقول: رب، ارجعون أتوب وأعمل صالحا. قال: فيقال: قد عُمِّرت ما كنت مُعَمَّرا. قال: فيضيق عليه قبره، قال: فهو كالمنهوش، ينام ويفزع، تهوي (2) إليه هَوَامّ الأرض وحياتها وعقاربها.
وقال أيضا: حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن علي، حدثني سلمة بن تمام، حدثنا علي بن زيد (3) . عن سعيد بن المسيب، عن عائشة، أنها قالت: ويل لأهل المعاصي من أهل القبور!! تدخل (4) عليهم في قبورهم حيات سود -أو: دُهُم-حية عند رأسه، وحية عند رجليه، يقرصانه حتى يلتقيا (5) في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله تعالى: { وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }
وقال أبو صالح وغيره في قوله تعالى: { وَمِنْ وَرَائِهِمْ } يعني: أمامهم.
وقال مجاهد: البرزخ: الحاجز ما بين الدنيا والآخرة.
وقال محمد بن كعب: البرزخ: ما بين الدنيا والآخرة. ليسوا (6) مع أهل الدنيا يأكلون ويشربون، ولا مع أهل الآخرة يجازون بأعمالهم.
وقال أبو صخر: البرزخ: المقابر، لا هم في الدنيا، ولا هم في الآخرة، فهم مقيمون إلى يوم
__________
(1) في ف: "كذبت".
(2) في ف، أ: "ويهوي".
(3) في أ: "يزيد".
(4) في ف، أ: "يدخل".
(5) في ف: "تقرصانه حتى تلتقيا".
(6) في ف، أ: "ليس".
(5/494)
2.
فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55)الفرقان
وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)
قال ابن مسعود وابن عباس: ليس عام بأكثر مطرًا من عام، ولكن الله يصرفه كيف يشاء، ثم قرأ هذه الآية: { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا } .
أي: ليذكروا بإحياء الله الأرض الميتة أنه قادر على إحياء الأموات (1) . والعظام الرفات. أو: ليذكر من منع القَطْر أنما أصابه ذلك بذنب أصابه، فيقلع عما هو فيه.
وقال عُمَر مولى غُفْرَة (2) : كان جبريل، عليه السلام، في موضع الجنائز، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا جبريل، إني أحب أن أعلم أمْرَ السحاب؟" قال: فقال جبريل: يا نبي الله، هذا ملك السحاب فسله. فقال: تأتينا صَكاك مُخَتَّمة: اسق بلاد كذا وكذا، كذا وكذا قطرة. رواه ابن حاتم، وهو حديث مرسل.
وقوله: { فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا } : قال عكرمة: يعني: الذين (3) يقولون: مطرنا بنَوء كذا وكذا.
وهذا الذي قاله عكرمة كما صح في الحديث المخرج في صحيح مسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه يوماً، على أثر سماء أصابتهم من الليل: "أتدرون ماذا قال ربكم" قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذاك مؤمن بي كافر بالكوكب. وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذاك كافر بي، مؤمن بالكوكب" (4) .
{ وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54) } .
يقول تعالى: { وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا } يدعوهم إلى الله عز وجل، ولكنا خصصناك -يا محمد -بالبعثة إلى جميع أهل الأرض، وأمرناك أن تبلغ الناس هذا القرآن، { لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } [ الأنعام : 19] ، { وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ } [ هود : 17]{ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا } [ الأنعام : 92] ، { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } [ الأعراف : 158] . وفي الصحيحين: "بعثت إلى الأحمر والأسود" وفيهما: "وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة"؛ ولهذا قال: { فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ } يعني: بالقرآن، قاله ابن عباس { جِهَادًا كَبِيرًا } ، كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } [ التوبة : 73،التحريم : 9] .
__________
(1) في ف، أ: "الموتى".
(2) في ف، أ: "عقبة".
(3) في أ: "الذي".
(4) صحيح مسلم برقم (71) من حديث زيد بن خالد الجهني.
(6/116)
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55)
وقوله: { وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ } أي: خلق الماءين: الحلو والملح، فالحلو كالأنهار والعيون والآبار، وهذا هو البحر الحلو الفرات العذب الزلال. قاله ابن جريج، واختاره ابن جرير، وهذا الذي لا شك فيه، فإنه ليس في الوجود بحر ساكن وهو عذب فرات. والله سبحانه إنما أخبر بالواقع (1) لينبه العباد على نعمه عليهم ليشكروه، فالبحر العذب هو هذا السارح بين الناس، فرقه تعالى بين خلقه لاحتياجهم إليه أنهارًا وعيونًا في كل أرض بحسب حاجتهم وكفايتهم لأنفسهم وأراضيهم.
وقوله: { وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ } أي: مالح مُرّ زعاق لا يستساغ، وذلك كالبحار المعروفة في المشارق والمغارب: البحر المحيط وما يتصل به من الزقاق وبحر القلزم، وبحر اليمن، وبحر البصرة، وبحر فارس وبحر الصين والهند وبحر الروم وبحر الخزر، وما شاكلها وشابهها (2) من البحار الساكنة التي لا تجري، ولكن تتموج وتضطرب وتغتلم في زمن الشتاء وشدة الرياح، ومنها ما فيه مد وجَزْر، ففي أول كل شهر يحصل منها مد وفيض (3) ، فإذا شرع الشهر في النقصان جَزَرت، حتى ترجع إلى غايتها الأولى، فإذا استهل الهلال من الشهر الآخر شرعت في المد إلى الليلة الرابعة عشرة (4) ثم تشرع في النقص، فأجرى الله سبحانه وتعالى -وله القدرة التامة -العادة بذلك. فكل هذه البحار الساكنة خلقها الله سبحانه وتعالى مالحة الماء، لئلا يحصل بسببها نتن الهواء، فيفسد الوجود بذلك، ولئلا تجوى الأرض بما يموت فيها من الحيوان. ولما كان ماؤها ملحا كان هواؤها صحيحا وميتتها طيبة؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن ماء البحر: أنتوضأ به؟ فقال: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته" . رواه الأئمة: مالك، والشافعي، وأحمد، وأهل السنن بإسناد جيد (5) .
وقوله: { وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا } أي: بين العذب والمالح { برزخا } أي: حاجزاً، وهو اليَبَس من الأرض، { وَحِجْرًا مَحْجُورًا } أي: مانعاً أن يصل أحدهما إلى الآخر، كما قال: { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 19 -21] ، وقال تعالى: { أَمَّنْ جَعَلَ الأرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ } [ النمل : 61] .
وقوله: { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا } أي: خلق الإنسان من نطفة ضعيفة، فسواه وعَدّله، وجعله كامل الخلقة، ذكراً أو أنثى، كما يشاء، { فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا } ، فهو في ابتداء أمره ولد نسيب، ثم يتزوج فيصير صهراً، ثم يصير له أصهار وأختان وقرابات. وكل ذلك من ماء مهين؛ ولهذا قال: { وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا } .
{ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55) }
__________
(1) في أ: "عن الواقع".
(2) في أ: "وأشبهها".
(3) في أ: "وقيض".
(4) في أ: "عشر".
(5) سبق تخريجه عند تفسير الآية: 3 من سورة المائدة.
======================
3.
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (23) وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24) ا الرحمن
رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (23) وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآَتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (25)
{ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (23) وَلَهُ الْجَوَارِي الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ (24) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (25) } .
يذكر تعالى خلقه الإنسان من صلصال كالفخار، وخلقه (1) الجان من مارج من نار، وهو: طرف لهبها. قاله الضحاك، عن ابن عباس. وبه يقول عكرمة، ومجاهد، والحسن، وابن زيد.
وقال العَوْفي، عن ابن عباس: { مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ } من لهب النار، من أحسنها.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ } من خالص النار. وكذا قال عكرمة، ومجاهد، والضحاك وغيرهم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم".
ورواه مسلم، عن محمد بن رافع، وعبد بن حميد، كلاهما عن عبد الرزاق، به (2) .
وقوله: { فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } تقدم تفسيره.
{ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ } يعني: مشرقي الصيف والشتاء، ومغربي الصيف والشتاء. وقال في الآية الأخرى: { فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ } [ المعارج : 40 ]، وذلك باختلاف مطالع الشمس وتنقلها في كل يوم، وبروزها منه إلى الناس. وقال في الآية الأخرى: { رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا } [ المزمل:9 ]. وهذا المراد منه جنس المشارق والمغارب، ولما كان في اختلاف هذه المشارق والمغارب، مصالح للخلق من الجن والإنس قال : { فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } ؟ .
وقوله: { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ } قال ابن عباس: أي أرسلهما.
وقوله: { يلتقيان } قال ابن زيد: أي: منعهما أن يلتقيا، بما جعل بينهما من البرزخ الحاجز الفاصل بينهما.
والمراد بقوله: { البحرين } الملح والحلو، فالحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس. وقد قدمنا الكلام على ذلك في سورة "الفرقان" عند قوله تعالى: { وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا } [ الفرقان:53 ]. وقد اختار ابن جرير هاهنا أن المراد بالبحرين: بحر السماء وبحر الأرض، وهو مروي عن مجاهد، وسعيد بن جبير، وعطية وابن أبْزَى.
قال ابن جرير: لأن اللؤلؤ يتولد من ماء السماء، وأصداف (3) بحر الأرض (4) . وهذا وإن كان هكذا ليس المراد [بذلك] (5) ما ذهب إليه، فإنه لا يساعده اللفظ؛ فإنه تعالى قد قال: { بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ } أي: وجعل بينهما برزخا، وهو: الحاجز من الأرض، لئلا يبغي هذا على هذا، وهذا على
__________
(1) في أ: "خلق".
(2) المسند (6/168) وصحيح مسلم برقم (2996).
(3) في م: "واختلاف".
(4) تفسير الطبري (27/75).
(5) زيادة من م، أ.
(7/492)
هذا، فيفسد كل واحد منهما الآخر، ويزيله عن صفته التي هي مقصودة منه. وما بين السماء والأرض لا يسمى برزخا وحجرا محجورا.
وقوله: { يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ } أي: من مجموعهما، فإذا وجد ذلك لأحدهما (1) كفى، كما قال تعالى: { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ } [ الأنعام:130 ] والرسل إنما كانوا في الإنس خاصة دون الجن، وقد صح هذا الإطلاق. واللؤلؤ معروف، وأما المرجان فقيل: هو صغار اللؤلؤ. قاله مجاهد، وقتادة، وأبو رزين، والضحاك. وروي عن علي.
وقيل: كباره وجيده. حكاه ابن جرير عن بعض السلف. ورواه ابن أبي حاتم عن الربيع بن (2) أنس، وحكاه عن السدي، عمن حدثه، عن ابن عباس. وروي مثله عن علي، ومجاهد أيضا، ومرة الهمداني.
وقيل: هو نوع من الجواهر أحمر اللون. قال السدي، عن أبي مالك، عن مسروق، عن عبد الله قال: المرجان: الخرز الأحمر. قال السدي وهو البُسَّذ (3) بالفارسية.
وأما قوله: { وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا } [ فاطر:12 ]، فاللحم من كل من الأجاج والعذب، والحلية، إنما هي من الملح دون العذب.
قال ابن عباس: ما سقطت قط قطرة من السماء في البحر، فوقعت في صدفة إلا صار منها لؤلؤة. وكذا قال عكرمة، وزاد: فإذا لم تقع في صدفة نبتت بها عنبرة. وروي من غير وجه عن ابن عباس نحوه.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدِيّ، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إذا أمطرت السماء، فتحت الأصداف في البحر أفواهها، فما وقع فيها -يعني: من قطر-فهو اللؤلؤ.
إسناده (4) صحيح، ولما كان اتخاذ هذه الحلية نعمة على أهل الأرض، امتن بها عليهم فقال (5) : { فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } .
وقوله: { وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ } يعني: السفن التي تجري في البحر، قال مجاهد: ما رفع قلعه من السفن فهي منشأة، وما لم يرفع قلعه فليس بمنشأة، وقال قتادة: { المنشآت } يعني المخلوقات. وقال غيره: المنشآت -بكسر الشين-يعني: البادئات.
{ كالأعلام } أي: كالجبال في كبرها، وما فيها من المتاجر والمكاسب المنقولة من قطر إلى قطر، وإقليم إلى إقليم، مما فيه من صلاح للناس في (6) جلب ما يحتاجون إليه من سائر أنواع البضائع؛ ولهذا قال [تعالى] (7) { فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } .
__________
(1) في أ: "أحدهما".
(2) في أ: "عن".
(3) في م، أ: "الكسد".
(4) في م: "إسناد".
(5) في م: "وقال".
(6) في م: "من".
(7) زيادة من أ.
=================================
برزخ

البَرْزَخُ: ما بين كل شيئين، وفي الصحاح: الحاجز بين الشيئين.
والبَرْزَخُ: ما بين الدنيا والآخرة قبل الحشر من وقت الموت إِلى البعث،
فمن مات فقد دخل البَرْزَخَ. وفي حديث المبعث عن أَبي سعيد: في بَرْزَخِ ما
بين الدنيا والآخرة؛ قال: البَرْزَخُ ما بين كل شيئين من حاجز، وقال
الفراء في قوله تعالى: ومن ورائهم بَرْزَخٌ إِلى يوم يُبْعَثُون؛ قال:
البَرْزَخُ من يوم يموت إِلى يوم يبعث. وفي حديث عليّ، رضوان الله عليه: أَنه
صلى بقوم فأَسْوَى بَرْزَخاً؛ قال الكسائي: قوله فأَسْوَى بَرْزَخاً
أَجْفَلَ وأَسْقَط؛ قال: والبَرْزَخ ما بين كل شيئين؛ ومنه قيل للميت: هو في
بَرْزخ لأَنه بين الدنيا والآخرة؛ فأَراد بالبَرْزَخ ما بين الموضع الذي
أَسقط عليٌّ منه ذلك الحرف إِلى الموضع الذي كان انتهى إِليه من القرآن.
وبَرازِخُ الإِيمان: ما بين الشك واليقين؛ وقيل: هو ما بين أَول الإِيمان
وآخره. وفي حديث عبدالله: وسئل عن الرجل يجد الوسوسة، فقال: تلك
بَرازِخُ الإِيمانِ؛ يريد ما بين أَوّله وآخره، وأَوَّلُ الإِيمان الإِقرار
بالله عز وجل، وآخره إماطة الأَذَى عن الطريق. والبَرازخ جمع بَرْزَخ، وقوله
تعالى: بينهما بَرْزَخٌ لا يبغيان؛ يعني حاجزاً من قدرة الله سبحانه
وتعالى؛ وقيل: أَي حاجز خفيّ. وقوله تعالى: وجَعَلَ بينهما بَرْزَخاً أَي
حاجزاً. قال: والبرزخ والحاجز والمُهْلَة متقاربات في المعنى، وذلك أَنك
تقول بينهما حاجزٌ أَن يَتزاوَرا، فتنوي بالحاجز المسافةَ البعيدة، وتنوي
الأَمر المانع مثل اليمين والعداوة، فصار المانع في المسافة كالمانع من
الحوادث، فوَقَعَ عليها البَرْزَخُ.
تعريف و معنى برزخ في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي
بَرزَخ: (اسم)
الجمع : برازِخُ
البَرْزَخ : الحاجز بين شيئيْن
البَرْزَخ ما بين الموت والبعْث، فمن مات فقد دَخَل البرزخ
(الجغرافيا) قطعةُ أرضٍ محصورة بين بحرين موصِّلة بين أرضين برزخ قناة السويس
‏برزخ‏: (مصطلحات)
‏الحاجز والمانع بين شيئين‏. (فقهية)
البرزخ: (مصطلحات)
الحاجز بين شيئين. (فقهية)
برازِخُ: (اسم)
برازِخُ : جمع بَرزَخ
مَرازِخُ : (اسم)
مَرازِخُ : جمع مِرزَخة
كلمات ذات صلة
بَرزَخ
برازِخُ
تعريف و معنى برزخ في قاموس المعجم الوسيط ،اللغة العربية المعاصر ،الرائد ،لسان العرب ،القاموس المحيط. قاموس عربي عربي
برزخ
"البَرْزَخُ: ما بين كل شيئين، وفي الصحاح: الحاجز بين الشيئين.
والبَرْزَخُ: ما بين الدنيا والآخرة قبل الحشر من وقت الموت إِلى البعث،فمن مات فقد دخل البَرْزَخَ.
وفي حديث المبعث عن أَبي سعيد: في بَرْزَخِ ما بين الدنيا والآخرة؛ قال: البَرْزَخُ ما بين كل شيئين من حاجز، وقال الفراء في قوله تعالى: ومن ورائهم بَرْزَخٌ إِلى يوم يُبْعَثُون؛
قال: البَرْزَخُ من يوم يموت إِلى يوم يبعث.
وفي حديث عليّ، رضوان الله عليه: أَنه صلى بقوم فأَسْوَى بَرْزَخاً؛ قال الكسائي: قوله فأَسْوَى بَرْزَخاً أَجْ...المزيد
المعجم: لسان العرب
بَرزَخ
برزخ - جمع برازخ
1- برزخ : حاجز بين شيئين. 2- برزخ : قطعة أرض ضيقة بين بحرين تصل أرضا بأرض. 3- برزخ : ما بين ساعة الموت إلى ساعة البعث.
المعجم: الرائد
بَرْزَخُ
ـ بَرْزَخُ: الحاجِزُ بين الشَّيْئَينِ، ومن وقْتِ المَوْتِ إلى القيامَةِ، ومن ماتَ دَخَلَه.
ـ بَرازِخُ الإِيمانِ: ما بَيْنَ أوَّلِهِ وأخِرِه، أو ما بين الشَّكِّ واليَقينِ.
المعجم: القاموس المحيط
البَرْزَخ
البَرْزَخ : الحاجز بين شيئيْن.
و البَرْزَخ ما بين الموت والبعْث، فمن مات فقد دَخَل البرزخ.
وفي التنزيل العزيز: المؤمنون آية 100وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) ) .
و البَرْزَخ (في علم الجغرافية) : قطعة أَرض ضيقة، محْصورة بين بحْرَين، موصِّلة بين أرضَيْن.
و البَرْزَخ (في علم الطب) : البَرْزخ الدَّرَقِي: جزء منقبض من الغُدَّة الدَّرقية، يكون في الخط الوَسَطي من الرُّغامَى، ويصل بين الفَصَّين الجانِبيين اللذين تتألَّف منهما تلك الغُدَّة. والجمع : بَرازِخ.
المعجم: المعجم الوسيط
برزخ
ب ر ز خ: البَرْزَخُ الحاجز بين الشيئين وهو أيضا ما بين الدنيا والآخرة من وقت الموت إلى البعث فمن مات فقد دخل البرزخ
المعجم: مختار الصحاح
بَرْزَخٌ
جمع: بَرازِخُ.
1.: قِطْعَةُ أَرْضٍ ضَيِّقَةٌ، مَحْصورَةٌ بَيْنَ بَحْرَيْنِ، مُوصِلَةٌ بَيْنَ أَرْضَيْنِ، بَرَّيْنِ.
2.المؤمنون آية 100وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثونَ . (قرآن): حائِلٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الرَّجْعَةِ، الحاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ.
المعجم: الغني
بَرْزَخ
بَرْزَخ :-
جمع برازِخُ:
1 - حاجِز بين شيئين :- {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ. بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ} .
2 - (الجغرافيا) قطعةُ أرضٍ محصورة بين بحرين موصِّلة بين أرضين :-برزخ قناة السويس.
3 - ما بين الدنيا والآخرة من وقت الموت إلى يوم البَعْث، فمن مات فقد دخل البَرْزخ :-حياة البرزخ، - {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} .
المعجم: اللغة العربية المعاصر
‏برزخ‏
‏الحاجز والمانع بين شيئين‏
المعجم: مصطلحات فقهية
برزخ
حاجزٌ دون الرّجعة
سورة :المؤمنون، آية رقم :100
المعجم: قرآن - انظر التحليل و التفسير المفصل
برزخا
حاجزا عظيما يمنع اختلاطهما
سورة :الفرقان، آية رقم :53
المعجم: قرآن - انظر التحليل و التفسير المفصل
بيْنهما برْزخ
حاجز أرضي أو من قدرته تعالى
سورة :الرحمن، آية رقم :20
المعجم: قرآن - انظر التحليل و التفسير المفصل
أمثلة سياقية: برزخ، جمل ورد بها برزخ
كتابٌ أتاني من حبيبٍ وبيننا …................. لطولِ التنائي برزخٌ أيُّ برزخِ (شعر الشاعر: بهاء الدين زهير )
في برزخٍ من برازخِ الكَرى ظهرتْ …................. آثارها وهوَ حالي قد بدا فيها (شعر الشاعر: محيي الدين بن عربي )
بَعْدَ الْمَوتِ ( حَيَاةُ الْبَرْزَخِ ): نِهَايَةُ الْمَطَافِ فِي هذه الْحَيَاةِ الدُّنْيَا سَيَزُورُنَا الْمَوتُ الْمُحَتَّمُ وَيَأَخُذَنَا إِلى عَالَمِ الْبَرَزَخِ (عَالَمِ الْقَبَرِ) حَيثُ سَتَبْقَى الأَرْوَاحُ إِلى يَومِ الْقِيَامَةِ وَسَيَكُونُ لَهَا هذا الْمَكَانُ الصَّغِيرُ الضَّيِّقُ (عامة )
فأضْحَى يرى بين العَداءِ وبيْنَهُ …................. بِمَنْعكَ منه بَرْزَخاً أَيَّ برْزَخِ (شعر الشاعر:ابن الرومي )
وَلمْ يَبْقَ إلاّ بَرْزَخٌ، فاقذِفي بِهِ …................. وراءك أن الدار من بعد برزخ (شعر الشاعر:الشريف الرضي )
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (قرآن سورة المؤمنون /100 )
وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا (قرآن سورة الفرقان/53 )
====
نصوص عربية وردت فيها كلمة برزخ
كتابٌ أتاني من حبيبٍ وبيننا …................. لطولِ التنائي برزخٌ أيُّ برزخِ (شعر الشاعر: بهاء الدين زهير )
في برزخٍ من برازخِ الكَرى ظهرتْ …................. آثارها وهوَ حالي قد بدا فيها (شعر الشاعر: محيي الدين بن عربي )
بَعْدَ الْمَوتِ ( حَيَاةُ الْبَرْزَخِ ): نِهَايَةُ الْمَطَافِ فِي هذه الْحَيَاةِ الدُّنْيَا سَيَزُورُنَا الْمَوتُ الْمُحَتَّمُ وَيَأَخُذَنَا إِلى عَالَمِ الْبَرَزَخِ (عَالَمِ الْقَبَرِ) حَيثُ سَتَبْقَى الأَرْوَاحُ إِلى يَومِ الْقِيَامَةِ وَسَيَكُونُ لَهَا هذا الْمَكَانُ الصَّغِيرُ الضَّيِّقُ (عامة )
فأضْحَى يرى بين العَداءِ وبيْنَهُ …................. بِمَنْعكَ منه بَرْزَخاً أَيَّ برْزَخِ (شعر الشاعر:ابن الرومي )
وَلمْ يَبْقَ إلاّ بَرْزَخٌ، فاقذِفي بِهِ …................. وراءك أن الدار من بعد برزخ (شعر الشاعر:الشريف الرضي )
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (قرآن سورة المؤمنون /100 )
وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا (قرآن سورة الفرقان/53 )
بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ (قرآن سورة الرحمن /20 )
وَلَئِنْ كَانُوا فِي طُولِ الْإِقَامَةِ فِي الْبَرْزَخِ يَأْلَمُونَ وَيُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ (عامة )
بَعْدَ قَاطِعَةِ الْبَرْزَخِ (عامة )
بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (عامة )
حَيْثُ الْبَرْزَخُ هُوَ الْفَاصِلُ بَيْنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْحَيَاةِ الْآخِرَةِ (عامة )
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ تَذْهَبُ فِي بَرْزَخٍ مِنَ الْأَرْضِ حَيْثُ شَاءَتْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ حَتَّى يَرُدَّهَا إِلَى جَسَدِهَا (عامة )
ألعبقري الكبير أمسى …................. في برزخ ضيق ضجيعا (شعر الشاعر: جبران خليل جبران )
وَدونَ عُلاهُمْ للمُسامينَ بَرْزَخٌ، …................. إذا كُلّفَتْهُ العِيزُ طَالَ مَسِيرُهَا (شعر الشاعر: البحتري )
إذا ما خَليلي حَلّ في بَرْزَخِ البِلى ، …................. فَحَسْبِي بهِ نأْياً وبُعْدَ لِقَاءِ (شعر الشاعر: أبو العتاهية )
يَا برزخَ الموْتَى الذِي نَزَلُوا بهِ …................. فهُمُ رُقُودٌ في ثَراهُ، خُفُوتُ (شعر الشاعر:أبو العتاهية )
وأحدث نقصانُ القُوَى بين ناظري …................. وسمعي وبين الشخصِ والصوت بَرْزخا (شعر الشاعر:ابن الرومي )
فهْو المرجَّى وهُوَ المُسْتصرَخ …................. للناس والبرزخُ إذْ لا برزخُ (شعر الشاعر:ابن الرومي )
رِيعَ لها الأحياءُ من هوْلها …................. وأفزع الأموات في البرزخِ (شعر الشاعر: ابن الرومي )
أم كُنتَ إلا كفارة ٍ خَرَقَتْ …................. بَرْزخَ طامي الحِدابِ جيّاش (شعر الشاعر: ابن الرومي )
بَيْن فرقيه برزخٌ مثل رضوى …................. عفق البثقَ فانتهى معفوقا (شعر الشاعر: ابن الرومي )
كأنما هيمانه برزخ …................. يمنع موج الردف أن يعتدي (شعر الشاعر: ابن النبيه )
معانٍ عقلنَ العقلَ والعقلُ ذاهلٌ …................. وإقبالهُ في برزخِ البحثِ إدبارُ (شعر الشاعر: البرعي )
فيا ليتَ شعري عنْ خييماتِ حاجرٍ …................. و سكانِ ذاكَ البرزخِ المتباعدِ (شعر الشاعر:البرعي )
======
* برزخ: البرزخ: ما بين كل شيئين، وفي الصحاح: الحاجز بين الشيئين.
والبرزخ: ما بين الدنيا والآخرة قبل الحشر من وقت الموت إلى البعث، فمن مات فقد دخل البرزخ. وفي حديث المبعث عن أبي سعيد: في برزخ ما بين الدنيا والآخرة، قال: البرزخ ما بين كل شيئين من حاجز، وقال الفراء في قوله تعالى: ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون، قال:
البرزخ من يوم يموت إلى يوم يبعث. وفي حديث علي، رضوان الله عليه: أنه صلى بقوم فأسوى برزخا، قال الكسائي: قوله فأسوى برزخا أجفل وأسقط، قال: والبرزخ ما بين كل شيئين، ومنه قيل للميت: هو في برزخ لأنه بين الدنيا والآخرة، فأراد بالبرزخ ما بين الموضع الذي أسقط علي منه ذلك الحرف إلى الموضع الذي كان انتهى إليه من القرآن.
وبرازخ الإيمان: ما بين الشك واليقين، وقيل: هو ما بين أول الإيمان وآخره. وفي حديث عبد الله: وسئل عن الرجل يجد الوسوسة، فقال: تلك برازخ الإيمان، يريد ما بين أوله وآخره، وأول الإيمان الإقرار بالله عز وجل، وآخره إماطة الأذى عن الطريق. والبرازخ جمع برزخ، وقوله تعالى: بينهما برزخ لا يبغيان، يعني حاجزا من قدرة الله سبحانه وتعالى، وقيل: أي حاجز خفي. وقوله تعالى: وجعل بينهما برزخا أي حاجزا. قال: والبرزخ والحاجز والمهلة متقاربات في المعنى، وذلك أنك تقول بينهما حاجز أن يتزاورا، فتنوي بالحاجز المسافة البعيدة، وتنوي الأمر المانع مثل اليمين والعداوة، فصار المانع في المسافة كالمانع من الحوادث، فوقع عليها البرزخ.
* بزخ: البزخ: تقاعس الظهر عن البطن، وقيل: هو أن يدخل البطن وتخرج الثنة وما يليها، وقيل: هو أن يخرج أسفل البطن ويدخل ما بين الوركين، وقيل: هو خروج الصدر ودخول الظهر، وامرأة بزخاء، وفي وركه بزخ.
وربما يمشي الإنسان متبازخا كمشية العجوز: أقامت صلبها فتقاعس كاهلها وانحنى ثبجها. ومن العرب من يقول: تبازخت عن هذا الأمر أي تقاعست عنه. وفي صدره بزخ أي نتوء، وكذلك الفرس إذا اطمأنت قطاته وصلبه. وتبازخت المرأة إذا أخرجت عجيزتها.
وتبازخ عن الأمر أي تقاعس. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أنه دعا بفرسين هجين وعربي للشرب، فتطاول العتيق فشرب بطول عنقه وتبازخ الهجين، التبازخ: أن يثني حافره إلى بطنه لقصر عنقه. ابن سيده: البزخ في الفرس تطامن ظهره وإشراف قطاته وحاركه، والفعل من ذلك كله بزخ بزخا وهو أبزخ، وانبزخ كبزخ، عن ابن الأعرابي.
وبرذون أبزخ إذا كان في ظهره تطامن وقد أشرف حاركه.
والبزخ في الظهر: أن يطمئن وسط الظهر ويخرج أسفل البطن.
والبزخاء من الإبل: التي في عجزها وطأة.
وبزخه بزخا: ضربه فدخل ما بين وركيه وخرجت سرته.
===
[ برزخ ]
برزخ : البرزخ : ما بين كل شيئين ، وفي الصحاح : الحاجز بين الشيئين . والبرزخ : ما بين الدنيا والآخرة قبل الحشر من وقت الموت إلى البعث ، فمن مات فقد دخل البرزخ . وفي حديث المبعث عن أبي سعيد : في برزخ ما بين الدنيا والآخرة ; قال : البرزخ ما بين كل شيئين من حاجز ، وقال الفراء في قوله تعالى : ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ; قال : البرزخ من يوم يموت إلى يوم يبعث . وفي حديث علي - رضوان الله عليه : أنه صلى بقوم فأسوى برزخا ; قال الكسائي : قوله : فأسوى برزخا : أجفل وأسقط ; قال : والبرزخ ما بين كل شيئين ; ومنه قيل للميت : هو في برزخ ; لأنه بين الدنيا والآخرة ، فأراد بالبرزخ ما بين الموضع الذي أسقط علي منه ذلك الحرف إلى الموضع الذي كان انتهى إليه من القرآن . وبرازخ الإيمان : ما بين الشك واليقين ; وقيل : هو ما بين أول الإيمان وآخره . وفي حديث عبد الله : وسئل عن الرجل يجد الوسوسة ، فقال : تلك برازخ الإيمان ; يريد ما بين أوله وآخره ، وأول الإيمان الإقرار بالله - عز وجل - وآخره إماطة الأذى عن الطريق . والبرازخ جمع برزخ ، وقوله تعالى : بينهما برزخ لا يبغيان ; يعني حاجزا من قدرة الله - سبحانه وتعالى - ، وقيل : أي حاجز خفي . وقوله تعالى : وجعل بينهما برزخا ; أي حاجزا . قال : والبرزخ والحاجز والمهلة متقاربات في المعنى ، وذلك أنك تقول بينهما حاجز أن يتزاورا ، فتنوي بالحاجز المسافة البعيدة ، وتنوي الأمر المانع مثل اليمين والعداوة ، فصار المانع في المسافة كالمانع من الحوادث ، فوقع عليها البرزخ .
التالي السابق
تفسير الأية
ترجمة العلم تَشكيِل النص
قوله تعالى : حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون
قوله تعالى : حتى إذا جاء أحدهم الموت عاد الكلام إلى ذكر المشركين ؛ أي قالوا أئذا متنا إلى قوله إن هذا إلا أساطير الأولين . ثم احتج عليهم وذكرهم قدرته على كل شيء ، ثم قال هم مصرون على ذلك حتى إذا جاء أحدهم الموت تيقن ضلالته وعاين الملائكة التي تقبض روحه ؛ كما قال تعالى : ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة . قال رب ارجعون تمنى الرجعة كي يعمل صالحا فيما ترك . وقد يكون القول في النفس ؛ قال الله - عز وجل - : ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول . فأما قوله ارجعون وهو مخاطب ربه - عز وجل - ولم يقل ( ارجعني ) جاء على تعظيم الذكر للمخاطب . وقيل : استغاثوا بالله - عز وجل - أولا ، فقال قائلهم : ثم رجع إلى مخاطبة الملائكة فقال : ارجعون إلى الدنيا ؛ قال ابن جريج . وقيل : إن معنى ارجعون على جهة التكرير ؛ أي أرجعني ، أرجعني ، أرجعني ، وهكذا . قال المزني في قوله تعالى ألقيا في جهنم قال : معناه ألق ألق . قال الضحاك : المراد به أهل الشرك .
======

 

.............